الرأي , سواليف

الوطن يفقد النجيب “نجيب”

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

ما أن أستيقظت من نومي وفتحت هاتفي لأرى إن كانت هناك رسائل مهمة ، حتى تفاجأت بأكثر من صديق يطرحون سؤالا واحدا ” هل الخبر صحيح ” !؟ . لا حول ولا قوة إلا بالله !!! . السؤال كان هل توفي صديق الجميع وصاحب القلب الكبير نجيب الزامل !؟ . كنت على عجل في البحث عمن يفيدني ومتمنيا ألا يكون الخبر صحيحا . خلال دقائق تأكد لي خبر هذا الإنسان الرقيق الحبيب الوفي الصادق الصدوق ، ملهم الشباب وصاحب مدرسة التفاؤل والعطاء ، وقائد العمل التطوعي ، وقدوة الصغار والكبار .

قبل أربعين سنة كنا معا في جامعة الملك سعود مع مجموعة كان يطلق عليها ” عيال الشرقية ” . فمجموعتنا كانت تضم طلابا من الدمام والخبر والقطيف والجبيل والأحساء . وبعد تخرجنا أفنرقنا فكل ذهب إلى حال سبيله . لكن علاقتي بهذا الإنسان لم تنقطع يوما من الأيام . إنسان يجعلك تشعر بأنك لست صديقا له ، بل واحدا من أسرته . ربما زاد العمل الصحفي علاقتنا قوة ومتانة . كتبنا معا في جريدة اليوم لسنوات طويلة . كتاباتي كانت لاذعة ومزعجة للبعض ، بينما كتاباته تركزت على الجوانب الإنسانية وتجاربه في الحياة وتفاؤله الذي لا يغيب عنه رغم الكثير من المعاناة التي كان يمر بها أحيانا . وبالرغم من أننا لا نلتقي كثيرا بحكم ظروف الحياة ، إلا أن تلك العلاقة الجميلة كانت تتجدد مع كل لقاء أخوي وفي أي مناسبة إعلامية . كنا ” الأثنين ” عضوين في لجنة حقوق المرضى في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام ، وفي كل اجتماع يدخل علينا بإبتسامته العريضة وبتعليقاته المرحة التي تجعل الجميع في سعادة وسرور .

يصعب على أي إنسان تربطه علاقة به أن يدعي أنه صديقه الوحيد ، أو رفيق دربه دون غيره ، أو محب له ولأعماله أكثر من بقية الأصدقاء . فهو صديق لكل من يعرفه ، وقريب جدا مع كل من أرتبط به . يتعامل مع من يعرفه قبل يوم كتعامله مع آخر يعرفه من عشرات السنين .

الراحل ” النجيب ” كما كنت أسميه ، ترك برحيله فراغا كبيرا ومؤثرا ، فهو لم يكن إعلاميا فقط بقدر ما كان إنسانا رقيق القلب مثقفا حنونا صادقا ورائدا من رواد العمل التطوعي . لن تفقده أسرته فحسب ، ولا الدمام التي كا ن يعشقها ، ولا المنطقة الشرقية التي تشرفت به ، بل أن الوطن كله بإعلامه وجمعياته الخيرية والتطوعية ومبدعيه ، قد فقدوه إلى الأبد ..

رحم الله الحبيب والصديق ورفيق الدرب ” النجيب نجيب الزامل ” رحمة واسعة وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تاأخر . والعزاء لأسرته الكريمة ولأحبابة وللأسرة الإعلامية والثقافية . والحمد لله رب العالمين . ولكم تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *