الرأي , هواجيس

ولد الجيران

نعيش في عائلةٍ كبيرةٍ وبيتٍ فسيحٍ.. والدنا شخصٌ غريبٌ.. متقلبُ الأطوار ، ولكنه حبيبٌ.. نفتقد لأشياء كثيرة.. وهو  يردد دوماً : “أحمدو ربكم كل شيء عندكم”.. وإذا زارنا ضيوف بالمجلس ، وما أكثر زياراتهم .. يقول لهم ما ليس بنا.. ويصوّر لضيوفه أن معيشتنا غير واقعنا..  يرسم لضيوفه أحلاماً صعبةً على حالنا .. ويصنع من خياله نسجاً به ورطنا .. وصلنا معه إلى نهاية بها أشغلنا.. ولا نرى في الأفق حلاً لتعبنا..

دائماً ما نطلب من الوالد إصلاح دورات المياه.. وهو يردد ويقول: “بكرة .. بكرة” .. وإذا جاه الضيوف قال لهم : “في بيتي أجمل دورات المياه وأكثرها احترافية .. وإذا طلبنا منه إصلاح أرضيات البيت المتكسرة ؛ لأننا نتأذى منها.. يزمجر غاضباً ، ويقول: “من قال بلاط البيت مكسر وخربان”.. وإذا جاه الضيوف يقول لهم إن بلاط البيت أفضل من معظم القصور العالمية .. تعبنا من كثر المطالبات ، ولكن وش السواة .. هذا بيتنا وما عندنا غيره.

حتى بعض لمبات البيت ما تشتغل وبعضها خطيرة أسلاكها مكشوفة.. ونخاف على عمرنا نموت بسبب صعقة الكهرباء.. ويرد أبونا ويقول: “أبعدوا عنها وما عليكم إلا العافية.. وإذا اللمبات خربانه استفيدوا من ضوء القمر.. أو أشعلوا شموعاً فهي أكثر رومانسية”.. وإذا جاه ضيوف قال لهم إن لمبات البيت والتمديدات الكهربائية تجربة فريدة من نوعها وتُدرّس .. ونحن نسمع ونتحلطم..

إذا رحنا لجيراننا.. ننهبل  من زين بيتهم وزين شغلهم.. بيتهم جميل وأبوهم حريص عليه.. ما عندهم لمبة محروقة أو سلك كهرباء طارف.. أو بلاطة مكسورة..  وعندهم شجر كثير وحديقة تجنن.. تذكرت أبونا لما  أزال حديقتنا الكبيرة وخلاها صحراء قاحلة.. وقال : “أزين للكشتات وشبة الضو”..

ولد جيراننا يغايرنا دايم.. نشوفه يلعب بالسيكل كل ما جا مطر غزير .. وحنا نشوفه ونغرف الماء بسطل وقدر قديم.. حوش بيتهم يجنن وأمهم وأخواته يمشون كل يوم  فيه ، ويمارسون رياضتهم.. وحوشنا مليان قراشيع  عيّت تروح.. وكل ما قلنا لأبونا نبي كذا وكذا.. صرخ بوجيهننا وقال أحمدو ربكم غيركم ماهو لاقي العزّ اللي أنتم فيه.. المهم أنا محبط حزين.. وقطعت علاقتي بولد الجيران.. علشان ما يزيد فيني القهر وأموت بكرة العصر.. ولايزال مجلسنا عامر بالضيوف.. وأبوي حريص عليهم أكثر من بيتنا..  المهم قررت أسكن مع ولد الجيران … والله المستعان.

رد واحد على “ولد الجيران”

  1. يقول Wasmia:

    مقال طريف ،. استمر ياأخ ماهر باتحافنا بمثلها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *