الرأي , سواليف

منح الجنسية قضية من لا قضية له

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

ما إن تم الإعلان عن عزم المملكة على منح الجنسية السعودية للمبدعين والمبتكرين والموهوبين ، حتى امتلأت مواقع التواصل الإجتماعي بالتعليقات السطحية ، والتي تشير إلى أن من يقودها أو يشارك فيها لا يفهم ماذا يُقصَد بالموهوبين أو المبتكرين أو المبدعين . ومع احترامي لأصحاب الحسابات “الحقيقية” ممن شاركوا بآرائهم حول هذا القرار ، إلا أنني استغربت من سهولة استدراجهم للخوض في هذه القضية السيادية .

وقد تخيلت وأنا أتابع تلك التعليقات أن السعوديين جميعاً أصبحوا من المبدعين والموهوبين والمبتكرين ، وأن القادمين الجدد سوف يأخذون وظائفهم وحقوقهم ومميزاتهم ولن يبقى للسعودي أي شيء آخر . أدعوكم ، ومن خلال هذا المقال ، إلى أن تبلغوا الجهات المعنية عن أي مبدع لم يجد له مكاناً لدى الدولة ، أو عن أي مبتكر تجاهلت الجهات المعنية ابتكاره ، وعن أي موهوب تائه لا يعرف من يأخذ بيده . فالدولة بحاجة لكل هؤلاء وتبحث عنهم وتتولى رعايتهم ؛ لأنهم هم عمادها ، وأمل مستقبلها .

النخبة من العلماء والأطباء والموهوبين هم من ستمنحهم الدولة جنسيتها ، وليس كما يتصور البعض أن الجنسية ستُمنَح للأجانب دون معايير علمية دقيقة . والمملكة ليست استثناء فأي دولة في العالم تبحث عن كفاءات ، لا عن أعداد تضاف للتعداد السكاني خاصة أن التنمية الحالية تسير بسرعة الصاروخ لتحقيق رؤية 2030 ، وهي بحاجة لكل عالم أو مبدع أو موهوب يمكنه المساهمة في تحقيقها في كافة المجالات والتخصصات بما فيها الرياضة والفنون ، وإذا كنا ننظر للدول المتقدمة كقدوة حسنة في التطور ، فإن علينا أن نتذكر أن تلك الدول نجحت في ذلك من خلال استقطاب تلك الكفاءات من مختلف دول العالم ، بمن فيها الدول الأوروبية . حيث انصهر أولئك العلماء والمبدعون في مجتمعاتهم الجديدة دون أن يتحسس أحداً من أهل البلد الأصليين .

وإذا نظرنا للولايات المتحدة الأمريكية ، باعتبارها أكبر بلد تسجل له براءات اختراع طبية وعلمية منذ سنوات طويلة ، فسنجد أن غالبية أولئك العلماء قدموا لها من شرق آسيا (الهند .. الصين) ، ومن أوروبا سواء الغربية منها  أو الشرقية ، وكذلك من الشرق الأوسط (مصر ولبنان) ، ومن شمال افريقيا وجنوبها .. حيث منحتهم جنسيتها ليصبحوا علماء أمريكيين .. وإذا كان ذلك هو حال تلك الدول المتقدمة جدا ، فما الذي يمنعنا من أن نحذو حذوهم؟!. دعونا ننظر للأمر بعقلية من يبحث عن ارتقاء وطنه لمصاف الدول الكبرى ، لا بعقلية المحبطين والمحرضين والسطحيين . ولكم تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *