الرأي , هواجيس

التسويف

التسويف هو التأْخير من قولك: “سوف أَفعل”، و هو من عائلة الحرف (سوف) وهو حرف مبنيٌّ على الفتح يخصِّص أفعال المضارعة للاستقبال البعيد ، فيردّ الفعل من الزمان الضيّق وهو الحال إلى الزمان الواسع وهو الاستقبال ، وهو يقتضي معنى المماطلة والتأخير ، وأكثر ما يستعمل في الوعيد ، وقد يستعمل في الوعد “سوف أنجز هذا المشروع” .. أَلا ترى أَنك تقول سَوَّفْتُه إذا قلت له مرة بعد مَرَّة سَوْفَ أَفْعل؟ ولا يُفْصل بينها وبين أَفعل لأَنها بمنزلة السين في سيَفْعَل. تلك مقدمة لغوية لشرح الكلمة

كم من الوعود التي نسمعها ونقرأها تبدأ بكلمة سوف أو بفعل سبقته السين. كم من الكلمات التي تسوف وتبقى حبيسة الورق والفعل واقف تحت المطر..  لن اقول لكم سوف أكمل المقال.. فأنا بصدد كتابته لإنهاءه.. كم من مسؤول غادر كرسيه وفي عنقه حروف السين ما تكفيه لأن يصنع منها مسباح..

لنتأمل في هذه الجملة: سوف نبني برجاً سياحيا في المدينة وسوف يكون معلماً سياحياً بارزاً وهو الأكبر من نوعه في العالم وسوف يكون مزودًا بتقنيات متطورة وسوف نقوم بتدريب كوادر بشرية على تشغيله والعمل به. سيكون علامة بارزة على وجه الأرض . وسيوفر  200 فرصة وظيفية ..

لنعيد صياغتها بدون تسويف : تم إعتماد تصاميم مشروع برج سياحي في المدينة بقيمة مليون ريال، يبدأ العمل فيه بتاريخ 1 نوفمبر 2019 وينتهي بتاريخ 31 أغسطس 2020  بمشيئة الله. البرج مزود بتقنيات متطورة يتم تدريب كوادر بشرية على تشغيلها أثناء البناء. يتوقع أن يكون معلماً سياحياً للمدينة ويفتح آفاق كبيرة لتوظيف ما يزيد عن 200 شخص في تشغيله إن شاء الله.

في الجملة الأولى تسويف واضح دون تحديد إطار زمني أو معلومة دقيقة. وهي مجرد كلمات تبقى حبيسة ورقها  تنتهي من ذاكرتنا في لحظات.. والصيغة الثانية هناك تحديد قيمة ومكان وزمان وبدء وانتهاء وتفاصيل كاملة للمشروع من إلى.. وكله بمشيئة الله أولاً وآخرًا..

علتنا دائماً ما تكون في حرف (سوف) وحرف (السين)  وتستبدل بالعامية بحرف (الباء)  مثل  بسوي وبفعل وبنجز وبروح وبجي .. الخ.. كم أتمنى أن تلغى حرف السين من لوحة المفاتيح لنرى كيف يكون صياغتهم لفعلهم.. والله المستعان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *