الرأي , سواليف

النفخ في “بالونة” المجتمع

محمد البكر

كاتب وصحفي سعودي، نائب رئيس التحرير السابق في صحيفة (اليوم) السعودية، معلق رياضي سابق.

رغم ما تمر به البلاد من فترة حرجة مع المتربصين لأمنها واستقرارها ، يظهر علينا من يريد تقسيم المجتمع والنفخ في قضاياه مهما كانت عابرة لا تستحق المتابعة . فمن إقحام وفاة الطالبة ” ليان ” في حي الشفاء يرحمها الله بالعباية التي كانت ترتديها ، إلى إعلان غير مقبول يحمل إسقاطات على عدد من علماءنا . فمن خلال متابعتي لقضية الطفلة ليان يرحمها الله ، ظهر لي بأن هناك من يريد إستغلال هذه الحادثة المروعة للنيل من إرتداء العباية وجعلها السبب الرئيس وراء ما حدث . مع أن الأسباب تتعدد والموت واحد . ولو سألنا خبيرا في السلامة المرورية لما قال بأن العباية هي السبب ” الوحيد ” للوفاة .

أما قضية الإعلان الغريب المريب الذي شبه العلماء الأفاضل ممن أفتوا في الماضي حول بعض القضايا التي ارتبطت بفترة الفتوى وظروفها ، كمن يلحس كلامه ، متجاهلا وكما قلت بأن ” العالم ” يعرف ظروف مجتمعه وما يتغير فيه وما يناسبه في كل حقبة يمر بها . هذا الإعلان وبالطريقة التي شاهدتها لا يمكن وصفه إلا أنه إسقاط غير مقبول .

في مقابل تلك الإسقاطات ، نجد هناك من يتربص بأي خطأ ترتكبه فتاة أو حادث تتسبب به سيدة لينال منها ومن أهلها الذين سمحوا لها بقيادة السيارة ومن المجتمع الذي رحب بالتغيرات الإيجابية التي شهدها المجتمع السعودي .

إذن هناك من يريد تقسيم المجتمع وإثارة الفتنة ما بين أطرافه . وكلنا يعلم بأن أخطر ما يواجه الدول هي التناحر بين مكونات المجتمع الواحد ولو عبر وسائل التواصل الإجتماعي . هذه الوسائل التي أراها كالوقود الذي يساعد في انتشار الحريق إن لم تنجح الجهات ذات العلاقة بمواجهته . وهذه ثغرة يمكن للخبثاء والأعداء الإستفادة منها لإختراق المجتمع السعودي وتقسيمه .

لا أدري من الذي ساهم في تكريس هذه الأفكار المريضة !؟ ومن الذي يغذي تلك العقول الفارغة وغير المسؤولة !؟ هل هم من الداخل أم من خلايا خارجية مزروعة بيننا ونحن لا نعلم !! . اللوم يقع على كل من يوظف كلامه ويبدي رأيه حول أي قضية من مفهومه الشخصي أو أجندته التي يريد تسويقها ، سواء كانت قضية دينية أو إجتماعية أو حدث عابر .

تقسيم المجتمع ظاهرة خطيرة والإسقاط على رجال الدين الوسطيين والمعتدلين والذين نعتز بهم ونفخر بعلمهم أمر غير مقبول ، تماما كإسقاط البعض على أولياء الأموروالأمهات بسوء التربية والتحريض على الفتيات من خلال تجاوز أو خطأ أو تصرف غير متزن من فتاة لا وزن لها في المجتمع .

لو سمحتم إتركوا هذه الإسقاطات وأعلموا أنكم ترتكبون أكبر حماقة إن ساهمتم ولو بطريقة غير مباشرة في النفخ في “بالونة” المجتمع التي لم تعد تحتمل المزيد من النفخ ولكم تحياتي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *