الرأي , هواجيس

ماما ميري.. وبابا كومار

لا تزال نائمة.. ولا يزال نائمًا.. ولكن ميري مستيقظة من الفجر.. وقامت بإيقاظ الأولاد، وتجهيز إفطارهم ومساعدتهم في اللبس.. وجهَّزت حقائبهم بما فيها صندوق الغداء (الأم تسمّيه لنش بوكس).. ولبست وغادرت معهم برفقة السائق كومار..
وصلوا للمدرسة ونزلوا.. وميري معهم، وكذلك كومار.. ويبقى الطفل الصغير ينتظر محطته الأخيرة في الروضة.. ونزلت معه ماما ميري.. واطمأنت.. ثم غادرت مع بابا كومار للمنزل..
وصلوا.. ولا تزال الأم الافتراضية والأب الافتراضي نائمَين.. ذهب كومار ليشتري أغراض البقالة بعدما أعطته ماما ميري القائمة والنقود.. وأكملت ميري عملها في المنزل، وجهَّزت ما يلزم لوجبة الغداء.. وبدأت بتنظيف وترتيب غُرَف الأولاد.. وشغّلت غسَّالة الملابس.. ودبَّت الحياة في البيت ما عدا غرفة النوم الرئيسية..
استيقظ الأب، ولبس وتهندم ونزل.. وطلب قدح القهوة الخاص به قبل أن ينطلق لعمله.. وبعده بساعة، استيقظت سندريلا.. وصاحت بأعلى صوتها: ميري فطور.. اغتسلت وتهندمت، وغيَّرت ملابسها، وخرجت من قمقمها.. وكانت ميري قد جهَّزت لها صينية الإفطار.. وبدأت تسأل: هل ذهب الأولاد للمدرسة؟ وميري تقول: “يس ماما”.. سوَّيتي “اللنش بوكس” لهم؟ وميري تقول: “يس ماما”.. فقالت لها: “خلاص.. روحي كمّلي شغلك”..
فتحت سنابها والـ”واتس”، وبدأت صباحها الافتراضي.. دقائق.. وبدأت اتصالات الضحى.. وقصص لا تنتهي فصولها، وأحداث نصفها لم يقع.. وميري قد أتمّت تنظيف الغُرف جميعها، ودخلت للقمقم لترتيبه وتنظيفه. ومن ثمَّ نزلت إلى المطبخ؛ للبدء في إعداد وجبة الغداء..
وكان كومار قد أحضر مقاضي البيت.. وذهب ليُحضر السبَّاك ليُصلح المضخّة.. وبعدها أخصائي التكييف ليُصلح مكيّف الصالة.. وبعدها يكنس الحوش والرصيف الخارجي..
وفي تمام الثانية عشرة، انطلق لمدرسة دحومي ليحضر مجلس الآباء، ويستلم “إشعارات المدرسة”، ويُحضر حمور للبيت.. ويغادر بعدها مع ميري؛ لتذهب وتُحضر البنت الصغيرة من الروضة..
اجتمعت العائلة جميعها على الغداء.. وتبادلوا قصص اليوم وهموم الدراسة وغيرها.. مع مناكشات عادية بين الأولاد على طاولة الطعام..
وبعد العصر، ذهبت الأم لمنزل والدتها، وهناك التقت مع أخواتها وزوجات أخواتها.. وكان الحديث عن الأبناء وتربيتهم ومدارسهم.. وقالت سندريلا: الله يعظم أجرنا على تعبنا معهم.
وبعد العشاء، ذهب الأب للاستراحة، والتقى بأصدقائه.. ودار الحديث عن رسوم المدارس وغيرها.. وقال الأب: “وش نسوي.. لازم نتعب على بناء أولادنا”..
وفي آخر المساء، التقت ماما ميري بالأب كومار.. وتناقشا حول مستقبل الأولاد.. وماذا يمكن فعله لهم..
تلك كانت قصة افتراضية، فالواقع مختلف.. ربما هو أسوأ من ذلك.. وربما أن تكون ميري “منيرة”، وكومار “صالح”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *