الرأي , رياضة

عزيزي اللاعب لا تسكت!

محمد العمري

كاتب رياضي

المشجعون يكرسون أنفسهم لدعم أنديتهم سواء بحضورهم للملعب بإستمرار أو بشكل متقطع، أو حتى خلف الشاشات أو في وسائل التواصل الإجتماعي، لذلك هم يفترضون أن لهم الصلاحية المطلقة في إبداء الرأي في كل ما له علاقة بالنادي واللاعبين بل وحتى الجوانب التكتيكية والفنية البحتة الخاصة بالمدربين، مع الملاحظة أن حرية الرأي مكفولة للجميع ولكن ليس في جميع الجوانب يمكن الأخذ بها، و في الدول المتقدمة كروياً يعتبرون أن إنفاق جزء من دخلهم للحصول على تذكرة باهظة الثمن لمشاهدة الفريق أمراً كبيراً، ومعظمهم لا تزعجهم تصرفات اللاعب خارج الملعب بل في الواقع، يعتقد معظم المشجعين أن المبلغ المناسب من المال سيزيل أي مشكلة أو ضغط قد يواجهها لاعب كرة قدم، إلا أن هذا الامر ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، وخصوصاً في ردود أفعال اللاعبين تجاه تصرفات الجماهير سواء في الملعب أو التواصل الإجتماعي فاللاعبين أصبحوا أكثر دراية و بحثا عن ما يقال عنهم.

مارك فيدوكا الهداف الأسترالي الكبير لعب في نهاية مشواره في نادي ميدلسبره بعقد مالي كبير مقارنة بميزانية النادي و موقفه المالي، وفي احدى المباريات التي كان مستواه سيئاً فيها، تم استبداله في الشوط الثاني وسط صيحات الاستهجان من الجمهور، و عندما انتهت المباراة خرج اللاعبون إلى موقف سياراتهم الفارهة وبدء عدد من الجماهير بالصياح، وأحدهم بصورة عنيفة تجاه فيدوكا قائلاً (أنا أدفع رواتبك)، فتوجه اليه فيدوكا وسأله (أنت تدفع راتبي؟) فقال المشجع (نعم)، فمدّ فيدوكا يده وقال: “لابد أنكم رجل جداً ثري لتدفع راتبي العالي”، ومضى وتركهم دون أن يقول كلمة أخرى. الحقيقة أن هذه الفكرة كانت في فترة معينة من تاريخ اللعبة صحيحاً نوعاً ما، و لكن بالنظر الى الإحصائيات التي واكبت تطور اللعبة منذ سنوات أثبتت أن هذا الأمر غير صحيح، لأن دخل التذاكر للأندية لا يساهم إلا بنسبة قليلة من مداخيل الأندية التي تدفع رواتب اللاعبين، و إذا كنا نريد أن نكسر هذه المقولة، فلابد أن نعرف بوجود حدود لما يجب أن يقوله الجمهور، وحدود أخرى لما يجب أن يصبر عليه اللاعب تجاه ما يواجهه من الجماهير.

هناك عدد من النقاد يرون أن للاعب الحق في إبداء عدم رضاه عن بعض الآراء المبالغ بها من الجماهير و التي لا تأخذ في إعتبارها عوامل فنية و شخصية يمر بها اللاعب، و لكن لابد من أن يعرف متى يتحدث، وكيف يوصل رسالته، بدون أن نصادر حق اللاعب في الرد لأنه أصبح أكثر انفتاحاً تجاه ما يقال عنه و لا يمكن أن يظل كاتماً لمشاعره تجاه هذه الأمور، و هذا لا يلغي دور الإدارة في الدفاع عن اللاعبين، وكما نلاحظ أنه في الدول الأوروبية نجد أن المدربين في مؤتمراتهم وتصريحاتهم يدافعون بقوة عن لاعبيهم.

دائماً ما نسمع مقولة (الدنيا ما تغيرت، بس نفوس البشر هي التي تغيرت)، ولكن شخصياً أعتقد أن كلا الزمن والبشر تغيروا، وأن معطيات تعامل البشر مع بعضهم البعض ومع زمانهم اختلفت، وما كان سائداً أو متعارفاً عليه (خصوصاً ما لم تحكمه القوانين) قد لا يصلح في زمان آخر، وكرة القدم بجميع جوانبها يسري عليها ذلك الأمر.

بُعد آخر

في إحدى مشاهد فيلم Fever Pitch، جلس أحد مشجعي نادي آرسنال الإنجليزي في أحد المقاهي وقال: “لقد كانوا يمارسون لعبهم السيء في العام الماضي وفي العام السابق.. لا يهمني إذا كانوا في المقدمة – فسوف يستمرون في هذا المستوى السيء هذا العام أيضًا، و العام الذي يلي ذلك”.

للعلم فقد تم تصوير هذا المشهد في موسم 1971 ، وهو العام الذي فاز فيه آرسنال بالثنائية للمرة الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *