أنا وأنتم ..والمؤشرات «المبهجة»

بينما تتأهب مكة المكرمة لاستضافة ثلاثة قمم سياسية فاصلة تؤكد مكانة السعودية وتأثيرها في أمتها العربية والإسلامية، جاءت نتائج الكتاب السنوي للمركز العالمي للتنافسية، لتؤكد أن انجازات المملكة تمتد لمختلف الجوانب، لتترك فيها أثارًا ومنافع تعود على جميع مواطنيها.

وحصلت المملكة على المرتبة (26) مُتقدّمةً بـ (13) مرتبة عن العام الماضي، كما احتلّت المملكة الترتيب السابع بين مجموعة دول العشرين G20 متفوقة على اقتصادات متقدمة في العالم مثل كوريا الجنوبية واليابان وفرنسا وإندونيسيا والهند وروسيا والمكسيك وتركيا وجنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين.

ويتكون تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية من أربعة محاور رئيسية لقياس تنافسية (63) دولة على مستوى العالم، وقد تحسّن ترتيب المملكة في ثلاث محاور من أصل أربعة يعتمد عليها، وهي :محور الكفاءة الحكومية من المرتبة 30 إلى المرتبة 18، ومحور كفاءة الأعمال من المرتبة 45 إلى المرتبة 25، ومحور البنية التحتية من المرتبة 44 إلى المرتبة 38..
وتنبع أهمية الكتـاب السـنوي للتنافسية مـن كونه واحدًا من أكثـر التقاريـر شـمولية وحيادية في تقييم المميـزات التنافســية للــدول، باســتخدام البيانــات والإحصائيــات الواردة مــن الحكومــات والمنظمــات ، فضلًا عن المؤشــرات الدوليــة الأخرى، واستطلاع رأي المــدراء التنفيذييــن فــي القطــاع الخــاص.

وبالنسبة لي، منحتني نتائج التقرير، كما كل مواطن سعودي يعرف دلالات هذه المؤشرات، جرعة جديدة من التفاؤل والثقة، سواء للصعود الكبير للمملكة بين دول العالم، أو للشواهد الرقمية التي تؤكد أن اقتصادنا الوطني يمضي بثبات على مستوى معظم المؤشرات، التي يعتمد عليها المتخصصون المحايدون، وهم يسجلون شهاداتهم عن تطور وطننا العزيز.

ويعني ذلك ، من الناحية العملية، أن الجهد المبذول في مختلف القطاعات السعودية يتم وفق منظومة عمل متكاملة تتحرك في إطار رؤية شاملة، وليست مجرد نجاحات فردية ترتبط بفرد أو قطاع أو لحظة تاريخية عابرة.

والحق أن مثل هذه الملاحظة، تدفعني للتذكير بأهمية التحول الكبير الذي قاده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ أطلق في أبريل سنة 2016«رؤية المملكة 2030»، فمن خلال هذه الخطوة التاريخية، تحركت عقلية المؤسسات والهيئات من مرحلة العمل العفوي/ الموسمي/ الجزئي، إلى عهد الشمول والتكامل والتنسيق المشترك، في إطار مسارات نهضوية واضحة تحدد لكل طرف دوره وهدفه وآليات نشاطه.

لقد استوقفتني النتائج الهائلة لهذا التحول وأنا اتنقل بين المؤشرات التي يتضمنها كتاب التنافسية العالمية، ففضلًا عما حققته المملكة من حضور مميز بين الدول الأقوى اقتصاديا على مستوى العالم، ثم بين بلدان الشرق الأوسط، جاءت النتائج في محاور التقييم الفرعية، لتؤكد أن جني ثمار «رؤية 2030» قد أصبح أمرًا واقعًا، وأن الاستمرار في إطارها سيضع بلدنا حيث نحب بإذن الله تعالى.

ومع تقديري لكل الجهود التي ساهمت في تحقيق هذه النتائج، أرى أن الإنصاف يلزمني بإشادة خاصة بالدور المحوري الذي أداه المركز الوطني للتنافسية «تيسير»، باعتباره الأداة الوطنية المنوطة بمتابعة سير وتكامل أداء مختلف الجهات ذات الصلة.

وأحسب أن ما تحقق هذا العام، سيكون حافزًا إضافيًا للقائمين على المركز، كي يكثفوا جهودهم لتحديد المعوقات التي تواجــه القطــاع العــام والخــاص وتحليلهــا، واقتــراح الحلــول والمبـادرات والتوصيـات ومتابعـة تنفيذهـا، بما يمكن المملكة من مواصلة صعودها الاقتصادي الواعد.

ويقيني أن مثل هذه التقارير، التي طالما تابعناها قديما ونحن نسأل: ما الذي ينقصنا كي نكون بين الكبار، ستمثل من الآن وصاعدا– بجانب كونها شهادة بالجهد الوطني المبذول على كل الأصعدة- حافزًا إضافيًا لتنشيط الهمم وتوسيع دوائر القناعة بأهمية «رؤية 2030» للوطن و المجتمع في آن واحد، خاصة في ظل ما نتابعه من إطلاق لمشروعات عملاقة ستغير – بحول الله – وجه الاقتصاد السعودي، وتثبت وجوده بين القوى العملاقة عالميًا.

طارق إبراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *