قياس رضا المستفيدين من خدمات أجهزة الدولة

الوصول إلى الحكومة الإلكترونية من الأهداف الإجرائية والمعرفية التي ينبغي أن تعمل جميع المؤسسات والأجهزة على بلوغها، بما يدعم توجهات الدولة من خلال رؤية المملكة 2030، والبرامج الهادفة إلى تطوير منظومة العمل العام، فبلادنا تسعى في الواقع إلى تأسيس اقتصاد معرفي يواكب أحدث التقنيات في هذا المجال الذي يخترق الحاضر وصولا إلى المستقبل، ونحن نمتلك جميع الأدوات التقنية الضرورية واللازمة لهذا النمط من متطلبات العصر.

وهناك بعض الجهات تعمل على تطوير منظومة عملها؛ من أجل تحقيق المواكبة التقنية التي تتطلبها مجريات وتطورات واقعنا المعاصر، وقد لفت نظري تطبيق أطلقه المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة «أداء»، وهو من التطبيقات العملية السهلة التي يمكن من خلالها للمواطن والمقيم في بلادنا تقييم خدمات الأجهزة العامة بشفافية ومشاركة الآراء من أجل تحسين وتطوير هذه الخدمات، أي توفير الحافز الذي يجعل الجهات المستهدفة بالتقييم لتطوير عملها والبقاء به في مسار التقنية والخدمات الإلكترونية سريعة الإنجاز.

هذا التطبيق الذي يسمى «وطني» من التطبيقات التي تعمل على قياس رضا المستفيد عن الخدمات الحكومية، خاصة أن هناك مشكلات عديدة تتعلق بالبيروقراطية في الأداء في تلك الأجهزة، وذلك كفيل بدفعها لتغيير أساليب عملها وجعلها أكثر فاعلية وقدرة على إنجاز المعاملات، فجميع الدوائر أصبحت تحت رصد التطبيق الذي يكشف مستوى الرضا، وهو عامل مهم في تحديد كفاءة وحيوية الأجهزة والقائمين عليها، بحيث لا تقبل وزارة أو إدارة أن يسجل التطبيق عليها مستوى رضا متدنيا أو متواضعا، لأن ذلك يحمل تلقائيا مؤشرا لقصور أو تقصير في خدمة الجمهور، ما يجعل مبدأ المحاسبة والمراجعة فوريا في كشف الخلل في تلك الجهة وتقصيرها عن خدمة المستفيدين.

ويغطي هذا التطبيق تقريبا معظم الجهات الخدمية، فبحسب القائمين عليه فإنه يحتوي على أكثر من 30 ألف مركز خدمة حكومي، و80 ألف خدمة معرّفة في أكثر من 1150 مدينة وقرية وهجرة بالمملكة، إضافةً إلى إمكانية تقييم الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الأجهزة العامة عبر منصاتها الإلكترونية، وذلك يقودنا مباشرة إلى منحى إيجابي للغاية، وهو تقديم مؤشرات أداء رئيسية لصنّاع القرار حول كفاءة العمل في الجهة المعنية، ما يمنحهم رؤية أوسع لتقييم العمل والاتجاه به إلى ما يلبّي تطلعات وطموحات المستفيدين، سواء مواطنين أو مقيمين، فالهدف النهائي هو تحقيق جودة إدارية شاملة تواكب ما سبق وذكرته بشأن دولة الاقتصاد المعرفي والحكومة الإلكترونية.

هذا التطبيق الذي أطلقه المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة ليس مجرد رفاهية إلكترونية أو تقنية، وإنما استجابة عملية وعلمية لروح العصر، ومحاولة جادة لرفع كفاءة الأجهزة والهيئات ومؤسسات الدولة إلى أعلى سقف مستويات الخدمات والإنجاز، ويكفي أن المركز يرتبط تنظيميا برئيس مجلس الوزراء، ويرأس مجلس إدارته صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهذا يحسم بشكل قطعي التوجه التقني والتفاعلي الذي يعمل بمقتضاه التطبيق والمركز بصورة عامة، فالرقابة الإدارية من المنظومات التي تخدم جميع مؤسسات الدولة، ووضعها في مسار تقني مثل هذا يجعل تلك الرقابة أكثر شفافية ونزاهة وموضوعية، خاصة أن التطبيق يشمل قطاعات حيوية مثل سوق العمل، والرعاية الصحية، والمواصلات، والتعليم، والأعمال والتجارة، والقضاء والرياضة والترفيه، والشؤون الداخلية، والخدمات والمرافق العامة، وبالتالي فإننا نتوقع أن ترتفع مؤشرات الرضا بحيث تعكس جودة وتطورا في خدمات الأجهزة الحكومية بصورة متفاعلة مع مخرجات التطبيق، لأننا في خضم تطور في بنية مؤسسات الدولة لا يقبل بأقل من العصرنة والتطور التقني.

سكينة المشيخص

نقلاً عن (اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *