الإذاعات السعودية.. فرص للانطلاق

من أهم ما تعلمه عن الإعلام أن وسائله لا تموت؛ ولكنها تتشكل من جديد، اعتماداً على تغيّر الظروف واختلاف الجمهور، وهذا ما حدث في الإذاعة، فبعد ظهور التلفزيون اعتقد الكثيرون أن أيام الإذاعة دانية، بيد أنها خالفت التوقعات واستمرت رغم السينما والتلفزيون والإنترنت.

في المملكة لعبت الإذاعات دوراً محورياً في بدايات تأسيس المملكة منذ انطلاقتها العام 1949م، ولاحقاً مع انتشار التعليم وتعدد الإذاعات، لكن تطور تلكم الإذاعات خلال السنوات الماضية كان بطيئاً وغير متواكب مع تطورات المجتمع، خصوصاً مع ظهور الإذاعات التجارية التي استولت على سوق الإعلان التجاري، وخطفت المستمع الشاب ببرامجها الخفيفة ومنوعاتها الحديثة، خصوصاً أن مستمع السيارة أضحى أهم فئات المستمعين لبرامج الإذاعة، مما استلزم تغيراً متواكباً في نوعية ومحتوى ومدة برامج هذه الوسيلة الإعلامية.

لكن يبدو أن ذلك أمسى من الماضي، فالمستمع مؤخراً لبرامج الإذاعات السعودية ليجد نقلة نوعية، سواء على مستوى الابتكار في الإخراج أو حتى على مستوى المحتوى الجاذب، فالكثيرون متفقون أن برامج إذاعات الموجات الطويلة التجارية غير مفيدة، وأنها مجرد حشو لساعات البث بالسوالف والأغاني، فصار هناك عودة لبحث المستمع الجاد لما يثري يومه ويغني عقله، ناهيك عن ميزة غياب الإعلانات التجارية في الإذاعات الحكومية مما يجعل المستمع أكثر راحة، ويضمن موضوعية المحتوى وعدم التأثير عليه من قبل المعلن.

لكن دعونا نفكر بمزيد من التطوير لشبكة إذاعات المملكة حتى نستطيع المحافظة على جمهورها وكسب فئات جديدة، ما الذي يمنع من التوسع في الإذاعات الإقليمية؟ بحيث يكون لدينا إذاعة في الدمام تستهدف جمهور المنطقة الشرقية، وأخرى في أبها تستهدف جمهور منطقة عسير وهلم جرا، فالبنية التحتية من المرسلات متوفرة، والخبرات الفنية من الكوادر البشرية من أهل المنطقة متوفرة أيضاً، كما أن نجاح تجارب الإذاعات المحلية في الدول المتقدمة يؤكد أن الحاجة لها لا تزال حاضرة، فكثير من المواد الإخبارية وغيرها قد تجد طريقها للإذاعات الوطنية كونها ذات بعد محلي، ولا أفضل لها من بثها عبر إذاعة محلية على مستوى المنطقة أو حتى على مستوى المدينة الكبيرة.

أيضاً لابد من العمل على أرشفة أفضل محتوى الإذاعات السعودية من برامج ومسلسلات وتغطيات ليس فقط الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودي، بل في أهم منصات “البودكاست” مثل الساوند كلاود والأيتون، وكذلك عبر اليوتيوب وغيرها، كما فعل بعض المهتمين بأرشيف إذاعة الشرق الأوسط المصرية، حتى يتمكن محبو الإذاعة من الوصول السهل إلى برامجهم، ناهيك عن الترويج لتلك البرامج والإذاعات في المواقع التي يهتم بها جمهور الأثير.

عبدالرحمن السلطان

نقلاً عن (الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *