النمر الاقتصادي الآسيوي الجديد القادم

تم إطلاق القمر السعودي الأول للاتصالات (SGS-1)، بنجاح من مركز غويانا الفرنسي للفضاء على متن الصاروخ «أريان 5»، والذي وقع ولي العهد على القطعة الأخيرة منه بعبارة «فوق هام السحب»، وقبل ذلك تم إطلاق سبعة مشروعات جديدة للطاقة الشمسية، كما تم التوقيع في مؤتمر تطوير الصناعة في العاصمة السعودية الرياض على 66 اتفاقًا لمشروعات بقيمة 204 مليارات ريال في إطار برنامج التنمية الصناعية، والذي سوف يساهم في تحسين البنية التحتية ودعم الصادرات وتطوير الخدمات اللوجستية اللازمة لتصبح المملكة منصة صناعية ولوجستية مميزة بين القارات الثلاث، وهذا كله يأتي بالتوافق مع وضع قواعد جديدة للاستثمار الأجنبي ضمن وثيقة مبادئ سياسة الاستثمار في المملكة.

إذًا فالمملكة تحث الخطى بشكل لم نشهده من قبل لإحداث تغيير حقيقي في الهيكل الاقتصادي، فهي تتعدى حتى الفترة التي أعقبت ارتفاع أسعار النفط في النصف الثاني من سبعينات القرن المنصرم والتي وفرت الموارد المالية الكافية لبناء الصناعة الأساسية في الجبيل وينبع، ففي تلك الفترة ارتفعت مساهمة رأس المال الثابت في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 30 %، ولكن هذه النسبة بعد إقامة الصناعة البتروكيميائية تراجعت ووصلت في العام 2017 إلى 23 %، وللمقارنة فإن نسبة رأس المال الثابت إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين في العام المشار إليه هي 42 % وفي إندونيسيا 32 %.

إن هذا النشاط الاستثماري المحموم لبلدنا من شأنه أن يؤدي إلى تنويع الهيكل الاقتصادي ورفع مساهمة رأس المال الثابت في الناتج المحلي الإجمالي، ومثلما نلاحظ من المشروعات المعلن عنها، فإنها مشروعات ليست كل ارتباطاتها العكسية هيدروكربونية، أي أن مخرجات النفط ليس مدخلات لها، ولهذا فإن هذه المشروعات عندما تكتمل، فإن الهيكل الاقتصادي سوف يتنوع وإن مصادر الدخل سوف تتعدد، وعندها سوف تشكل العائدات الضريبة أساسا حقيقيا لتعدد مصادر الدخل تختلف عما هي عليه الآن.

إن محتوى رؤية المملكة 2030 اتضحت أكثر فأكثر، وإن هذه الرؤية أصبحت ملموسة وليست إطارا نظريا فحسب. وهذا أمر مهم -لأن ليس كل ما تقوم دول العالم بالتخطيط له يتحقق، بل إن ما نراه في الواقع، يتعدى الإطار النظري لرؤية المملكة، فأنا من ضمن المتابعين لموقع مشروعات السعودية على توتير-والمشروعات التي يعلن عنها هذا الموقع كثيرة ومتنوعة، وهذا معناه أن المملكة تسير نحو التحول إلى نمر اقتصادي، فبلدنا بحلول العام 2030، سوف يصبح ليس فقط دولة نفطية عظمى، كما هو عليه الآن، وإنما قوة اقتصادية جبارة في غرب آسيا لتتوازن بالتالي كفتا قارتنا من الشرق والغرب.

عبدالله الفرج
نقلاً عن (الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *