امرأة بلسانين

شيء طيب أن تعلم الأطفال الوطنية، ولكن إذا خالط ذلك التعليم شيء من العنصرية، يصبح مقيتاً، مقيتاً كوجه «دراكولا».

كتلك المُدرِّسة الأميركية في أحد الصفوف الابتدائية، تشرح للتلاميذ كيف يجب أن يفخروا بأنهم ينتمون لهذا الوطن، فطلبت منهم أن يرفعوا أياديهم تعبيراً عن هذا الفخر.

فرفع الأطفال جميعاً أياديهم مبتهجين، باستثناء طفلة وحيدة تدعى سناء، فسألتها المُدرسة بحدّة عن سبب عدم رفع يدها!

فأجابتها بكل هدوء: لأنني لست أميركية. فعادت تسألها: إذن من أنت؟! فأجابتها بفخر: إنني عربية. فتحولت الحدّة إلى غضب، فسألتها بغباء: لماذا أنت عربية؟! فقالت: لأن أمي وأبي عربيان. فازداد غضب المُدرسة قائلة: إن هذا ليس سبباً وجيهاً، فلو كانت أمك بلهاء وأبوك أبله، فماذا ستكونين؟! فابتسمت سناء وأجابتها: إذن سأكون أميركية.

عندها بلغ السيل الزبى، فما كان من المُدرسة إلا أن طردتها من الفصل، وخرجت سناء وهي تبكي، فلما شاهدتها المشرفة عرفت منها السبب، فما كان من تلك المشرفة الحكيمة إلا أن أخبرت الإدارة عمّا حصل.

فاستدعوا المُدرسة ليستعلموا منها عن السبب، فقالت مبررة: لأن تلك التلميذة غير المهذبة وصفت الأميركان نساء ورجالاً بأنهم بلهاء.

غير أن الإدارة لم تكتفِ بذلك؛ بل سألوا تلامذة الفصل عما سمعوه، فكانت إجاباتهم الجماعية بمثابة شهادة ضد المُدرسة. ويحسب للإدارة أنها فصلت تلك المُدرسة بتهمة التحريض والعنصرية.

***

شعرت المدونة الشهيرة على موقع «يوتيوب»، كاسندرا بانكسون، بآلام في الظهر، فذهبت إلى الطبيب لمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذا الألم الغريب كما وصفته، ليكتشف الطبيب من خلال الموجات فوق الصوتية أن لديها كلية واحدة. وأظهر التصوير بالرنين المغناطيسي أيضاً أن لديها مهبلين ورحمين وعنقي رحم، ويمكنها أن تحمل مرتين في الوقت نفسه!

من وجهة نظري المحضة، أن لا مشكلة ولا ضير في ذلك؛ بل إنها تتمتع بمميزات لا توجد عند الأخريات، وعليها أن تحمد ربها على ذلك، أما من ناحية الكلية الواحدة، فقد ثبت أن الإنسان يستطيع أن يعيش مكتفياً بكلية واحدة.

غير أن المصيبة الحقيقية أن امرأة في محافظة شبوة اليمنية، قد ولدت طفلة بلسانين، نعم بلسانين اثنين.

وأعجبتني الأم عندما رفضت بإصرار أن يزيل الأطباء أحدهما.

ولا أدري من هو ولد أبيه الذي يستطيع أن يجابهها بعد أن تكبر وتفتح «جاعورتها»!

نحن «نخّينا» وعجزنا عن مجابهة المرأة وهي بلسان واحد، فكيف إذن إن كان لها لسانان؟!

مشعل السديري

نقلاً عن (الشرق الأوسط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *