ملكة الدراما

ذكرني تصرف المراهقة السعودية التي انتهت مسرحيتها في كندا بما يسمى (ملكة الدراما) (DRAM QUEEN)، ثمة بشر رجال ونساء تميل إلى جذب الانتباه بالمبالغة في تصوير مشكلاتهم وإعطائها أكبر من حجمها. هذه الفتاة خير نموذج لتمثيل هذا المصطلح الإنجليزي بأدق معانيه، بمساندة وسائل التواصل الحديثة وتلهف بعض المنظمات للإساءة للمملكة وتربص بعض الحكومات نجحت المسرحية، فتاة مراهقة دون قضية أصبحت من المشاهير وحجزت مكانها في غرفة الأخبار في قناة الجزيرة.

لا يوجد في كل تصريحاتها (الشخصية) ومسارات قضيتها أي بعد حقوقي أو ما يتعلق بأي من أجهزة الدولة، كانت لحظة بداية مسرحيتها خارج البلاد وبين يديها جوازها واختارت أن تسير في الطريق الذي سارت فيها بملء إرادتها، ثمة آلاف من السعوديين في هذه اللحظة خارج المملكة، يستطيع أي واحد منهم أن يطلب حق اللجوء إلى أي دولة يشاء، ولن يحدث رد فعل من العالم لأنهم ذكور، هذا النجاح الفقاعة جاء لهذه المراهقة لأن الله خلقها امرأة فقط.

عشنا طويلاً نخلط بين الشأن العائلي والشأن العام، تغلغل هذا الخلط كمفهوم في ثقافتنا، هذه الفتاة راحت ضحية هذا الفهم وقررت استغلاله، ظنت أن أي تصرف تقوم به بصفتها امرأة سيتم التعامل معه كقضية شأن عام، صيحة هنا وتصريح هناك سوف يجبر المسؤول السعودي أن يتعاطى مع قضيتها بشكل رسمي ويبادلها التصريحات فتصبح ملكة الدراما.

عندما تتأمل في بعض الأنظمة والقوانين المتعلقة بالشأن الاجتماعي ستلاحظ تداخلاً بين النظرة الأبوية والنظرة القانونية، صيغت كثير من الأنظمة بحس عائلي أبوي أراد مشرعها حينذاك في (السبعينات أو الثمانينات) أن يقدم حماية لشعب بسيط يستعد للدخول في عالم جديد مليء بالمزالق.

تحدثت وتحدث غيري عدة مرات عن نظام الكفيل على سبيل المثال، عندما صدر قبل أربعين عاماً تقريباً كان قراراً وطنياً ضرورياً؟ السعودي آنذاك قليل الخبرة في الأعمال والتعاملات التجارية وخصوصاً مع الغرباء. وضع هذا النظام الدولة وسيطاً بين المواطن وبين العامل الأجنبي الذي يعمل معه، في نفس الزمن صدرت بعض القوانين تتعلق بالمرأة تنظم حياتها البسيطة وتحميها.

لكي نضع حداً لاستغلال المنظمات والدول المتربصة يتوجب أن نعيد النظر في القوانين التي تحد من حركة المرأة والتي لم يعد لها معنى. المرأة السعودية اليوم أصبحت عضوة في مجلس الشورى وممثلة للمملكة في المحافل الدولية وبلغت أعلى المناصب وتعمل في كل المجالات التجارية والرسمية. هذا المستوى العظيم الذي بلغته المرأة السعودية لا يسمح ببقاء النظرة الأبوية التي استغلها وسوف يستغلها خصوم المملكة، وصلت الفتاة كندا وهي لا تملك ما تقوله ضد بلادها ولكن المتربصين حملوا مسرحيتها على القوانين والأنظمة القديمة.

عبدالله بن بخيت

نقلاً عن (الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *