غذاؤنا .. السبب الأول لأمراضنا

في خضم انتشار أمراض العصر والبحث عن علاج لها، نهمل بشكل ملاحظ البحث عن أسباب هذه الأمراض.. ويأتي مرض السكري والسرطان كأوضح مثالين على ذلك.. وتدخل الدجالون من مختلف الجنسيات بادعاء التوصل إلى مبتكرات عجيبة لأدوية ضررها أكثر من نفعها لهذين المرضين ولغيرهما من الأمراض، وأصبحت وصفاتهم تأتي صباح مساء بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، ويجدون من يعلن عنها مجانا مع التبرع بالقسم تلو القسم لمن ينشرها بأنه قد استعملها واستفاد منها.. ويقف المريض المحتاج إلى العلاج بأية وسيلة حائرا أمام هذا السيل الجارف من مدعي الطب والمطبلين لهم بقصد أو بغير قصد.. وكم تمنى كل متابع للشأن الصحي أن يسمع حديثا حول البحث عن أسباب الأمراض وكيفية الوقاية منها قبل الحديث عن علاجها.. وظهرت هذه الأيام بوادر لهذا التوجه بدأت بحديث تلفزيوني لوزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة يوم الإثنين الماضي، أكد فيه على تركيز خطة التحول في الوزارة على الأخذ بمبدأ “الوقاية خير من العلاج”، وكرر ذلك أكثر من مرة حتى خشينا أن تهمل الوزارة قنطار العلاج وتركز على درهم الوقاية.. ولكنه لم يتوسع في شرح برامج الوقاية التي أشار إليها.. وبعدها تحدث عن الاهتمام بالغذاء.. وأن هناك إجراءات سيتم اتخاذها اعتبارا من عام 2019، منها إلزام المطاعم بإيضاح السعرات الحرارية في وجباتها، ومنع الزيوت المهدرجة من دخول البلاد بعد عدة سنوات.. ولا ندري لماذا تترك هذه الزيوت لسنوات ما دام قد ثبت طبيا ضررها..؟! وفي اليوم التالي لحديث وزير الصحة، أي يوم الثلاثاء، صدر قرار مهم من مجلس الوزراء بإنشاء اللجنة الوطنية للتغذية لتكون لجنة علمية استشارية تقدم توصياتها في مجال التغذية للجهات ذات العلاقة من أجل تحسين حالة التغذية في المملكة لبناء مجتمع صحي.. وستكون هذه اللجنة ضمن الهيكل التنظيمي للهيئة العامة للغذاء والدواء التي يرأس مجلس إدارتها وزير الصحة، التي من أهم أهدافها منذ إنشائها سلامة الغذاء ووضع سياسة واضحة للغذاء والتخطيط لتحقيق أهداف هذه السياسة ومراجعة الأنظمة واللوائح الرقابية المطبقة في مجال الغذاء.. هذا الاهتمام بالغذاء لم نشاهده من قبل هيئة الغذاء والدواء التي ركزت منذ إنشائها على الدواء، ولعل البدء بتفعيل الشق الأهم من اختصاصات الهيئة، قد جاء بعد اكتشاف أن غذاءنا هو السبب الأول لأمراضنا – كما ذكرت في عنوان هذا المقال.. وإن أردنا الدليل فلنرجع بالذاكرة قليلا لنجد أن الآباء والأجداد كانوا يتمتعون بصحة أفضل منا لأن غذاءهم كان نقيا.. يزرعون القمح في مزارعهم ويربون الماشية في حظائرهم.. ولا يأكلون اللحم الأحمر إلا مرة أو مرتين في الشهر.. ويتحركون كثيرا، يعملون في حقولهم ويقطعون المسافات سيرا على الأقدام، ونحن على عكس ذلك تماما. وأخيرا: لو عدنا إلى القرآن والسنة، لوجدنا الاهتمام بالغذاء ظاهرا في قوله تعالى “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين”، وفي الحديث: “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه”، أو كما قال – صلى الله عليه وسلم.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *