التوطين وبناء الشخصية العملية

الاستمرار في منهج توطين الوظائف يعمل على توليد ثقافة عمل جديدة، تجعل كثيرا من الباحثين عن عمل يفكرون في أن يبدأوا العمل بما يضيف إليهم تجربة عملية تبدأ بالالتزام المطلوب تجاه الأعمال، من خلال الحرص على الدوام، وتنظيم النشاط اليومي، ومعرفة واقع السوق التجاري أو الخدمي، والاحتكاك بالناس ومعرفة كيفية التعامل معهم على اختلاف أمزجتهم وطبائعهم، واكتساب مهارات العمل وتكوين خبرات تفيد الموظف في أي تجارب أخرى فيما بعد.

وتواصل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هذا المنهج بصورة منظمة من خلال فتح المجال للراغبين في التوظيف لدخول مجالات عمل جديدة وآخر ذلك ما بدأته أمس الأول بتطبيق قرار توطين المهن في منافذ البيع في أنشطة محال الأجهزة الكهربائية والإلكترونية ومحال الساعات والنظارات، وذلك ما سيمكن المواطنين والمواطنات من فرص العمل ورفع معدلات مشاركتهم في القطاع الخاص.

ذلك مهم على عدة أصعدة كما ذكرت بعضها سابقا فيما يتعلق بثقافة العمل والدور الشخصي للموظف في تكوين الشخصية العملية التي تحترم الأعمال جميعا طالما شريفة، ويتحقق من خلالها دخل ثابت، فالتجربة مكسب عظيم ومهم لا بد وأن يحرص عليه كل باحث عن عمل لأن تطوير القدرات لا يأتي من خلال انتظار وظيفة كبيرة وراتب عال، وإنما يبدأ الكثيرون صعود السلم درجة ثم أخرى إلى أن يصل إلى مبتغاه ويتناسب مع طموحاته.

وهناك كثير من المجالات التي يتم العمل على توطينها فالتالي هو توطين منافذ البيع في أنشطة محلات الأجهزة والمعدات الطبية، ومحلات مواد الإعمار والبناء، ومحلات قطع غيار السيارات، ومحلات السجاد بجميع أنواعه، ومحلات الحلويات، وقد سبق كل ذلك توطين المهن بمنافذ البيع في أنشطة محلات السيارات والدراجات النارية، ومحلات الملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، ومحلات الأواني المنزلية.

هذا يغطي إلى حد كبير مساحة واسعة من نشاط القطاع الخاص، وينبغي على الشباب الذين بدأوا هذه الأعمال إثبات جديتهم وجدارتهم والاستمرار في تأكيد أهليتهم، وتحقيق أهداف القطاع الخاص لأن قوانين السوق تفرض عليهم وعلى الجهات التي تشغلهم أن يبذلوا جهدا في العمل حتى تتحقق الفوائد والمكاسب، فأصحاب الأعمال أيضا يطمحون إلى نمو أعمالهم وتطورها، ومن الضروري أن يتم ذلك برؤية يتعاون فيها الجميع ويحققوا مصالحهم المشتركة، فأي تقصير ينعكس سلبا على صاحب العمل ويعرضه للخسارة، وذلك ضد منطق السوق وتنافسيته التي تتطلب عملا مستمرا وإخلاصا وصدقا في العمل.

ليس التوطين غاية في حد ذاته وإنما هو وسيلة لتحقيق تنمية متكاملة يؤدي فيها أبناء الوطن أدوارهم على الوجه الأكمل، وليس مجرد الحصول على وظيفة يعني العمل بأقل الجهد أو التراخي في إشباع العمل بالمسؤولية الضرورية التي تحفظ للأعمال قوتها وحضورها وتنافسيتها التي تجعلها تستمر وتنمو، بدون ذلك يصبح التوطين هاجسا لأصحاب الأعمال لأنهم من المؤكد سيتضررون وينكشفون وينتهي بهم الأمر إلى إغلاق وتقبيل مصالحهم، ما يعني مضاعفة المسؤولية على كل شاب وجد طريقه إلى وظيفة في القطاع الخاص الذي يعتبر دعامة قوية ومهمة للاقتصاد الوطني، والعمل فيه جزء من العمل لأجل الوطن وتنميته وليس لمصلحة فرد وحسب، هذا إلى جانب المكاسب الذاتية في بناء الشخصية العملية كما أشرت سابقا، لأنه من المهم أن يكتسب الشاب أو الشابة الخبرة العملية ويستكشف مجال العمل وتنوعه وطرقه وآليات عمله، ما يجعل الموظف أكثر انفتاحا على تطوير قدراته وتأهيل إمكاناته فيصبح أكثر ملاءمة للعمل في سوق واسع يحتاج المزيد من المؤهلين الذين يملكون الخبرة.

سكينة المشيخص

(اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *