قضية خاشقجي .. وعلاقتنا بالإعلام الدولي

بعد الهجمة الإعلامية على بلادنا بسبب قضية جمال خاشقجي – رحمه الله – التي تم التعامل معها سعوديا بمهنية وشفافية اقتضت التريث حتى إجراء التحقيقات اللازمة، أصبح لا بد لنا من وقفة لإعادة صياغة علاقتنا بوسائل الإعلام الغربية في ضوء استراتيجية واضحة وخطط محكمة.. وليس من العدل تحميل هذه المهمة كاملة على الإعلام الحكومي الذي يقوم بجهد ملموس، ولا سيما على المستوى الداخلي.. وعبر وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية.. وهنا نتطلع إلى القطاع الخاص الذي يستطيع أن يستثمر في أذرع إعلامية عالمية.. للدفاع عن بلاده التي تتعرض لهجمة شرسة حتى لو حمل تكاليف ذلك الجهد على بند المسؤولية الاجتماعية في سنواته الأولى.

وتشمل الأذرع الإعلامية بعض الصحف ووكالات الأنباء.. ومحطات الإذاعة والتلفزيون ومراكز الدراسات وغيرها.. ولقد كانت بلادنا سباقة في مبادرات إعلامية مطبوعة وتلفزيونية وضعت الإعلام السعودي على المستوى العربي في المقدمة.. ولكن لا بد من مراجعة أوضاع هذه المبادرات وتطويرها بما يتناسب مع واقع المرحلة التي تتطلب مزيدا من الجدية في التصدي لما يخطط له الأعداء والرد عليه باللغة واللهجة التي تقنع المتلقي في أمريكا أو أوروبا أو في الصين وروسيا واليابان.. ولعل الجهد المطلوب يبنى على تفاهم بين الدولة والقطاع الخاص بحيث تعقد ورش عمل لتحديد نوعية المساهمة المطلوبة والأذرع الإعلامية، والاعتماد أولا على العقول السعودية المتخصصة في الإعلام، وبالذات من لهم تجربة في الإعلام الدولي، مع تطعيم تلك الأذرع الإعلامية بنوعيات خاصة من العقول الغربية التي تدير بعض وسائل الإعلام وتتسم بالمهنية والبعد عن تضخيم الأحداث لأهداف معينة، فنحن نريد أن يكون صوتنا في العالم موضوعيا، ولعل الخطوة الأولى تكون محطة تلفزيونية ناطقة بعدة لغات أجنبية وأهمها اللغة الإنجليزية، بحيث يشارك فيها القطاع الخاص مع الدولة وتكون لها مكاتب ومراسلون في العواصم العالمية المهمة، ويتبع ذلك تأسيس أو شراء حصص في وكالات أنباء ومراكز أبحاث ودراسات.. مع الاهتمام بوكالات الأنباء العالمية الكبرى وتسهيل فتح مكاتب لها في بلادنا لتغطية الأحداث من كثب وعدم اللجوء لما يسربه لها الأعداء.

ونحن الآن أحوج ما نكون إلى إعادة صياغة علاقتنا بالإعلام الدولي وإيجاد منصات تحتضن هذا الجهد الكبير من الأفراد الذين دافعوا بمقالات وتغريدات عن بلادهم خلال هذه الفترة العصيبة.. ولأن بلادنا قوية ومؤثرة في كل المستويات، فإنها بلا شك ستواجه مزيدا من الهجمات الإعلامية المخطط لها من الإعلام المعادي وبجهد منسق ومشاركة من الجميع، خاصة القطاع الخاص، حيث يمكن التصدي لهذه الزوابع الإعلامية بشكل أفضل.

وأخيرا: يخرج المراقب من هذه التجربة بتأكيد أن بلادنا حريصة على مواطنيها وسلامتهم، وكل من يتجاوز صلاحياته في التعامل مع الآخرين “وهو ما يحدث في كل الدول” يقدم إلى العدالة بعد إجراء التحقيقات اللازمة لتأكيد اتهامه وتحويله للقضاء العادل لإثبات إدانته وتحديد عقوبته وفق الشريعة الإسلامية التي يحكم بها القضاء في بلاد دستورها القرآن الكريم.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *