إيران تتهيّب عقوبات ذكرى الرهائن

بعد تسعة أيام على الهجوم على العرض العسكري للحرس الثوري الإيراني في الأحواز، ومقتل وإصابة العشرات من العسكريين والمدنيين الإيرانيين، ردت القيادة الإيرانية بإطلاق صواريخ من غرب إيران اخترقت الأجواء العراقية مستهدفة ما قالت إيران أنه اجتماع لقيادات «داعش» في صحراء البوكمال السورية.

كانت القيادات الإيرانية دخلت في سلسلة تحليلات ووجهت اتهامات في اتجاهات شتى حول المسؤولية عن هجوم الأحواز. لم ينتظر مسؤولو الحرس ووجوه سياسية إيرانية أخرى نتائج التحقيقات الأولى المفترضة، وانطلقوا في حملة مبرمجة ضد أميركا وإسرائيل وضد دولتين عربيتين، محمّلين هذه الدول المسؤولية عن الحادث، قافزين فوق حقيقتين، الأولى إعلان عدد من التنظيمات الأحوازية المسؤولية عن الهجوم إضافة الى بيانات تدعي المسؤولية أصدرها تنظيم «داعش»، والحقيقة الثانية أن هناك مشكلات حقيقية تعانيها الأقليات القومية في أكثر من منطقة في إيران، الكردية والآذرية في المناطق الغربية الشمالية، والبلوشية في الشرق والعربية في الجنوب الغربي، وليست حالات الاعتراض في عربستان بجديدة منذ أن ضم رضا شاه هذه المنطقة الى إمبراطوريته في عام 1925، منهياً حكم الشيخ خزعل في عبادان ومسيطراً على ثروات نفطية هائلة. فسكان الإقليم عانوا الأمرّين خلال حكم نظام الشاه ولم يشعروا بأي تغيير بعد مجيء الخميني الى السلطة في عام 1979.

أوحت ردود فعل القيادة الإيرانية أنها ستنظم اعتداءات ضد السعودية والإمارات عبر أذرعتها وشبكاتها في المنطقة، ولم يتوقف كثيرون أمام تهديداتهم لإسرائيل نظراً الى تجارب سابقة معمرة، وانتبهوا الى ما جرى في البصرة من تهديدات أدت الى إغلاق القنصلية الأميركية وإطلاق تحذيرات أميركية مباشرة لإيران، واختارت طهران كما فعلت مرتين في السابق رداً على هجمات داخلية على مؤسساتها، القصف الصاروخي خارج الحدود، داخل العراق كما فعلت في قصف مقر كردي قبل أيام، وعبر الأجواء العراقية كما حصل قبل شهور عندما أعلنت عن هجوم صاروخي على مواقع «داعش» شرق الفرات، رداً على هجمات في طهران.

تظهر طبيعة الرد الإيراني إصرار طهران على إبراز ما تعتبره قدراتها الصاروخية، وفي ذلك رسالة تهديد الى الجيران والى الأميركيين أنفسهم، ومحاولة تأكيد الحضور الإيراني في المنطقة كقوة إقليمية ودولية لا تأخذ بالاعتبار سيطرة العراق على أجوائه، إلا أنها تكشف من جهة أخرى القلق الإيراني من الضغوط المقبلة نتيجة العقوبات الأميركية.

لقد كان ترامب شديد اللؤم عندما اختار يوم 4 تشرين الثاني (نوفمبر) لإطلاق دفعة جديدة من العقوبات القاسية ضد النظام الإيراني، فلهذا اليوم وقعه الخاص في الذاكرة الأميركية، حيث أنه شهد في العام 1979 عملية احتجاز عناصر السفارة الأميركية في طهران. واختيار الذكرى لتشديد الضغط على إيران لا يمكن أن يكون مجرد مصادفة. الآن اكتفت إيران برد على خصومها لا يزعج أحداً، فهي تنتظر أياماً صعبة ستحدد صراحة ما يجب فعله، والأصح ما يمكن ويجب القيام به.

طوني فرنسيس

(الحياة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *