الفيروس الإيراني في التشيع العربي

كاتب هذا المقال عربي الأصول مسلم الديانة على إسلام ما قبل المذاهب، لأنه مقتنع بأن آفة المسلمين الفتاكة خرجت من بطون المذاهب.

ما نعاني منه اليوم بعد الغزو الثلاثي للعراق وتدميره هو تمكن الفيروس الإيراني من السيطرة على التشيع العربي ومراجعه ومراقده، مما ساعد في انتشار الفيروس إلى سوريا ولبنان واليمن والبحرين وإلى حد ما إلى الكويت والسعودية.

التخلف الفكري والعلمي يضغط على المسلمين وتسارع العلوم الحديثة والمنافسة والتجديد في العالم تضغط كذلك، ولم يعد الزمن يسمح بتضييع الوقت على طاعة وتجارة المذاهب والطوائف والقبائل، ولعل أحداث البصرة الأخيرة تكون البداية لاستعادة العراق مكانه الحضاري التاريخي الصحيح.

حسب الوضع الحالي في العراق، جنود الجيش العراقي والحشود الشعبية والفيالق الشيعية يبدؤون كلهم طوابير الصباح بالبكائيات واللطميات وخبط الصدور وينهون مساءهم بنفس الطقوس. إن في ذلك دلالة على أن الفيروس الإيراني تغلغل في دماء السياسة العراقية. لم يكن هذا حال العراق عبر تاريخه الطويل حتى داخلته عدوى الولي الفقيه وتمكنت من مرجعياته وعتباته ومراقده. التشيع المذهبي في أصوله عربي سياسي اختلطت فيه الأطماع الشخصية والقبلية بالغلو الطقوسي وفوضى الخروج على الإجماع، ثم اختطفته شعوبية الأعاجم الذين دخلوا في الإسلام إما متعايشين مسالمين، أو مرجئين كامنين بانتظار فرصة للوثوب والإجهاز.

تتكرر في المؤلفات والتصانيف الشيعية عن تاريخ العراق القديم ادعاءات قد استنكرتها منذ بداياتها مؤلفات وتصانيف السنة، ومنها فرية لعن الإمام على بن أبي طالب -رضي الله عنه- على منابر السنة وتأمين المصلين السنة على ذلك. كل منصف من الشيعة العرب أمكنه التعرف على المذهب السني وأهله عن معايشة وقرب يدرك أن لعن أي واحد من الخلفاء الأربعة يعتبر كفراً صريحاً يخرج اللاعن من الملة ويوجب كف لسانه وتعزيره، ولا فرق بين عمر وعلي ولا أبي بكر وعثمان.

في التاريخ العراقي الحديث لفترة حكم البعث مورس ترويج في الوسط السياسي الشيعي ومراجعه الدينية، يدعي أن طغيان حزب البعث كان موجهاً بالأساس ضد الشيعة، وأن السنة العراقيين كانوا أدواته الميدانية التنفيذية. هذا الادعاء لا يستحق سوى القول إنه كذب خسيس مع سبق الإصرار. القبضة الأمنية التنكيلية التي مارسها حزب البعث أصابت بالتساوي كل معارض بالقول أو الفعل من السنة والشيعة والكرد والتركمان. على المستوى الشعبي أيام البعث كان البيت العراقي يتعايش فيه السنة والشيعة في أسرة واحدة.

وللتذكير: العداء المذهبي السني الصريح والمعلن للهوية العربية كانتماء تاريخي عداء حديث بدأ مع تنظيم الإخوان المسلمين في الربع الأول من القرن العشرين ومن تفرعاته الحركية الجهادية الإرهابية. كل دولة قطرية عربية تحاول حسب إمكاناتها القضاء على هذا التنظيم وتحييد مخرجاته الإقصائية في مجتمعها الخاص. من هنا يأتي السؤال عن الطرف المذهبي الآخر، متى بدأ فيه الجفاء المذهبي للانتماء العربي والتحالف مع الجار الخارجي؟. هل تلك ظاهرة حديثة سببها حزب البعث، أم أنها بدأت من أيام استعانة الفرع الهاشمي العباسي بالفرس على الفرع الهاشمي الأموي، ثم تمت مكافأة الفرس بالوزارات والدواوين فكان ما كان حتى اليوم؟.

أتمنى على كل عربي وعربية من المذهب الشيعي تربى على خرافة العداء التاريخي من الطرف العربي السني إزاء الطرف العربي الشيعي أن يعيد قراءة التاريخ المحايد في مراجعه المختلفة ما عدا الإيرانية، ثم يقرر كيف يربي أولاده للمستقبل.

د. جاسر الحربش

(الجزيرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *