القبول في الجامعات .. والحلول الجذرية

أن تكون لدينا أزمة قبول في جامعاتنا يوم كان عددها سبع جامعات فقط فهذا معقول، ولكن كيف عادت أزمة قبول أبنائنا وبناتنا في الجامعات وقد أصبح عددها 38 جامعة ما بين حكومية وأهلية؟ وخلال الأسابيع الماضية سمعنا الشكوى من هذه الأزمة وبالذات في المدن الكبيرة، وبدأ البعض في البحث عن حلول بديلة، فهناك من يقول، لماذا كل الشباب يجب أن يحملوا المؤهل الجامعي؟ ولماذا لا يتجهون إلى سوق العمل بدبلوم أو مؤهل أقل؟ أنا لست مع هذا الرأي، فالجامعة هي الآن الحد الأدنى من التأهيل، والذين يختارون العمل الحر سواء في مجال التجارة أو تقديم الخدمات المختلفة يظلون نسبة قليلة وهبهم الله مهارات خاصة ولا بأس في ذلك لكن الأغلبية العظمى تحتاج إلى التعليم الجامعي كأساس لبدء حياتهم العملية، بل الأسرية. وأمام هذه المشكلة التي يتوقع أن تزداد عاما بعد عام نظرا لكثرة خريجي الثانوية من البنين والبنات وبتفوق ولله الحمد فإنه لا بد من حلول جذرية، ومن هذه الحلول التي آمل أن تكون محل الدراسة من قبل وزارة التعليم ومجالس الجامعات أن يعاد النظر في التخصصات النظرية التي لم تعد تجد إقبالا ولا تخدم سوق العمل كالجغرافيا والتاريخ، وليتم الإبقاء على هذه التخصصات وفق أضيق نطاق لأغراض تعليمية، وليتم التوسع في التخصصات المطلوبة لسوق العمل مع إضافة تخصصات جديدة تصحح مسار مخرجات الجامعات التي ظلت على ما هي عليه لسنوات طويلة رغم تغير حاجة سوق العمل. ومن خطوات الحلول المقترحة أن يتم التوسع في الجامعات ذات المستوى المميز والمقياس هنا توظيف خريجيها بسهولة كجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وإلزامها بفتح كليات لها في المناطق الرئيسة وتوفير الإمكانات لها بالتوأمة مع بعض الجامعات القائمة في تلك المناطق، ودراسة دمج بعض الجامعات المتواضعة في إمكاناتها البشرية والمادية لتوفير جامعات قوية ولو بعدد أقل بعد أن انتهت فترة التفاخر بين المناطق للفوز بجامعة ولو كانت ضعيفة الإمكانات وهناك جانب لا بد من الاهتمام به وهو توفير القبول للطالبات في مناطق إقامتهن سواء عن طريق التوسع في إيجاد جامعات متخصصة على غرار جامعة الأميرة نورة التي تجد إقبالا كبيرا أو في أقسام الطالبات في جامعات المدن الكبيرة بالذات. وأخيرا: يأتي الفصل الأخير والأهم وهو تشجيع توافر جامعات أهلية سواء بالتعاون مع جامعات أجنبية معروفة كما هي الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، أو بالتعاون مع الجامعات الحكومية والأهلية القائمة حاليا والمشهود لها بالمستوى العلمي المشرف. والمهم العمل على أن تكون تكاليف الدراسة في تلك الجامعات معقولة بحيث تقدم لها التسهيلات والخدمات الحكومية بأسعار منخفضة مع اشتراط أن تكون رسومها في حدود تحمل ذوي الدخل المتوسط. وبصورة عامة لا بد من تقوية التنسيق والتعاون بين الجامعات الحكومية والأهلية بحيث يسمح رسميا أن يدرس أساتذة الجامعات الحكومية في الجامعات والكليات الأهلية والعكس صحيح أيضا، وأن تعقد اجتماعات مكثفة للتنسيق الإداري والأكاديمي بين هذه الجامعات تحت إشراف وزارة التعليم.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *