قاض في الجنة

تتمتع وزارة العدل بتطورات سريعة وإنجازات ملموسة على جميع أصعدتها بشكل عام، فمن سرعة إنجاز، إلى التزام دقيق بالمواعيد، إلى خدمات إلكترونية فعّالة، إلى تعديلات إيجابية في الإجراءات القضائية، وصولا إلى دعم لحقوق المرأة وإشراكها في العمل، امتدادا إلى اعتدال ورقي في تعامل الموظفين، ابتداء بالاستقبال وانتهاء بالقضاة.

وفي جانب الخدمات الإلكترونية أصبح الأمر مبهرا، فباستطاعتك الاستعلام عن قضيتك بمجرد ضغط زر، كما يمكنك الاستعلام عن المحامين والمحكمين ومأذوني الأنكحة المعتمدين، إضافة إلى إمكان حساب المواريث وطلب الإفراغ العقاري وصحيفة الدعوى، وطلب التنفيذ إلكترونيا وتسجيل الوكالات والاستعلام عن أوامر التنفيذ، وغيرها، وهناك كثير من الخدمات المميزة السلسة غير ما ذُكر، والتي يمكنك الحصول عليها وأنت في منزلك.

تقدُّم واضح ومرونة ملموسة في الوزارة، ينمّان عن جهود حثيثة للرقي بهذا المرفق المهم والحيوي.
كما وقد أضيفت قضايا السب والشتم التي تحدث في وسائل التواصل الاجتماعي ضمن اختصاص المحاكم، كما صرح بذلك وزير العدل، فلا حقوق تضيع ولا استهتار بكرامة المواطن مهما كان الطرف الآخر يرى الأمر يسيرا، وربما معتادا في وقت مضى.

وبالنظر إلى جميع المؤشرات، ترى دلالة واضحة تدل على قفزات إيجابية نحو الإنجاز. فمثلا، على صعيد مؤشر المعاملات التجارية المنتهية نجد في عام 1437 قد تم إنهاء 9987 قضية، بينما في عام 1438 قفز الرقم ووصل إلى 14180 قضية وفي لغة الأرقام هذه دلالة قوية على تطور الأداء بشكل كبير، إذ تكونت هناك قفزة نوعية بلغت 70% وهذا في حد ذاته إنجاز مبهر.

كما قامت الوزارة بدعم حقوق المرأة، وعلى رأسها حق الأم الحاضنة والمحضونين بـ12 قرارا وإجراءً قضائيا سلسا وفعّالا، ويختصر بها الوقت والجهد معا.
فالتعديل الذي نص على أن يكون تنفيذ قضايا الحضانة أو الزيارة في بلد الحضانة أو الزيارة، وأن يكون تنفيذ حكم النفقة مباشرة «ودون إجراءات المادة 34»، هذا التعديل كان في حد ذاته «رحمة للعالمين».

كما أن وضع «صندوق النفقة» الذي ينفق على المحضونين عند إعسار من كان عليه حق نفقتهم، بعد صدور الحكم كان شيئا رائعا، وليس هذا فحسب، بل ومن أعمال هذا الصندوق أن ينفق على المحضونين قبل صدور الحكم دون تأخير، إلى أن يتم صدور الأحكام.
كما أن وضع نظام مشروعية تسليم الزوجة نسخة من عقد النكاح، كان له دور فاعل في الوقاية من المشكلات الكثيرة التي تواجه المرأة والمحضونين، واختصار وتسهيل حقها في الحضانة.
والرائع أيضا أنه أصبح هناك إشعار للمرأة في حال صدور صك طلاقها، عبر رسائل الجوال.

ومن ناحية عمل المرأة، فإن العدل قد أعلنت قبل عدة أيام أن هناك 12 سيدة سعودية مُنِحن رخص التوثيق للعمل في كتابات العدل، وأردف التصريح باستمرارية منح التراخيص، وأن الإجراءات التي يتم توثيقها عن طريقهن معتمدة لدى جميع المصالح الحكومية، وجهات وزارة العدل. وعلى صعيد المحاكم الإدارية -ديوان المظالم سابقا- هذا الرافد الحيوي المهم، فإنك عندما تزور إحدى الدوائر القضائية -محكمة استئناف أبها أنموذجا- فإنك ومنذ البداية ستجد كل شيء أصبح «إلكترونيا»، وستجد قاضي الدائرة يحضر «قبل» موعد الجلسة المحدد بقرابة 20 دقيقة، كما وستجد تجاوبا ولطفا وسلاسة ممزوجة بالتواضع والأدب، تجعلك تشعر حقا بالرقي في التعامل، فضلا عن دقة المواعيد ومصداقيتها التي تجعلك تخرج من باب الدائرة مبتسما لما ترى من الإيجابية، كما وأنه مما يلفت النظر حقا، حسنُ التعامل بين القاضي والموظفين الإداريين، فلا إجبار للإداريين على تصنّع نهج معين في المظهر والملبس، ولا تعالي أو أنفة، فكلهم يعمل بروح الفريق الواحد، ابتداء من القاضي وانتهاء باستقبال المراجعين.

ختاما، وفي هذا التطور الرائع، ها هي وزارة العدل تجهز 18 دائرة قضائية للنظر في القضايا الناشئة داخل حدود حرم مكة المكرمة، ومشعري منى وعرفة، إضافة إلى 6 كتابات عدل متنقلة لخدمة وتلبية حاجات وحجاج بيت الله الحرام التوثيقية، كما تم تكليف 12 كاتب عدل ضمن مشروع الإفادة من لحوم الهدي والأضاحي، خلال توفير متطلبات الحجاج فيما يخص الوكالات.

صور رائعة جدا تترسخ في الأذهان، تواكب رؤيتنا الطموحة 2030، تلك الرؤية المشرقة الواعدة بالخير والنماء، رؤية وتحول رأينا من أثرها هذا التحول الذي -وبحق- يسر الناظرين. فشكرا لقضاة «الجنة» وشكرا جزيلا وزير العدل.

سعود الشهري

نقلا عن (الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *