في كلمة الملك .. دعوة للتنبه لمن لم يتعظ !

جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لقادة وعلماء الأمة الإسلامية إلى الوقوف في وجه الإرهابيين الذين يحاولون اختطاف الإسلام، وتقديمه للعالم على أنه دين التطرف في مفترق حساس، وفي وقت عصيب، ولم يكن يفرق بينها وبين إعدام “داعش” لألف وخمسمئة عراقي دفعة واحدة بالرصاص في مشهد مريع ومشوه للإسلام، سوى ساعات، وكذلك قيام “إسرائيل” بارتكاب مجزرة جديدة في غزة، ضحيتها دفعة واحدة 200 شخص من المدنيين الأبرياء، وحرب شرسة طاحنة في ليبيا، ومثلها في اليمن، وحالات اقتتال في مصر متبادلة بين الجيش والجماعات المتطرفة، وكذلك في الجزائر، فالأمة الإسلامية تمر بمرحلة تاريخية حرجة دفعت خادم الحرمين الشريفين من منطلق مسؤولياته قائدا للمسلمين والعرب لأن يحذر المتخاذلين عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، أنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد.
وفي ظني أن خادم الحرمين الشريفين ومن خلال كلمته التي تضمنت رؤية شاملة عن واقع الأمة وغدها، وضع العالم أمام مسؤولياته ووقف كعادته مع الحق والعدل مناديا ومؤملا بوقفة جادة تفتح نافذة واسعة للأمن والسلام عبر الوقوف والتوحد أمام ذلك العبث الذي ينفذ جرائمه باسم الإسلام.
ومن خلال مطالعة سريعة لردود الفعل المحلية والعربية والإسلامية على كلمة الملك ألمس احتفاء بالشفافية التي اتسمت بها الكلمة دون مجاملة لأحد، ودون مهادنة فضلا عن أنها شخصت واقع الأمة بدقة واستشرفت مستقبلها منبهة غير المبالين بما سبق أن حذر منه خادم الحرمين الشريفين أنهم أول من سيعاني من تداعيات هذا العبث، كما لمست تعاطفا وتأييداً واسعا لما جاء في كلمة الملك فيما يتعلق بإدانة واستنكار المجازر الوحشية وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة في ظل الصمت الدولي المطبق، فحديث الملك يعكس استشعاره لمسؤولياته الإسلامية والإنسانية، وحرصه على إطلاق هذه الدعوات الصادقة من مهبط الوحي، ومهد الرسالة المحمدية لقادة وعلماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم, ولعل العالم لم يكن يستغرب مثل هذه الكلمة بل كان يتوقعها وينتظرها كونهم اعتادوا على مبادرات الملك عبدالله ومواقفه النبيلة والشجاعة تجاه أمته ووطنه، وفي ذات الوقت هي امتداد لمواقفه المشرفة وللدور البارز الذي تضطلع به المملكة في سبيل خدمة قضايا الأمة والتنبيه للمخاطر التي تستهدفها.
هذا التنبيه وهذا التحذير – الذي ختمه الملك عبدالله بإبراء الذمة أمام الله جل جلاله- ينبغي أن يقابل من الجميع حكومات وشعوبا بمبادرات عملية تتجاوز حالة الصمت الحالية عبر تعزيز الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية تجاه كل الفرق والمنظمات والجماعات الإرهابية وضد كل الأفكار والمخططات الخارجية التي تسعى لتفريق الأمة وخلق حالة فوضى في دولها.

طارق إبراهيم

نقلاً عن (الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *