أوقفوا هذا التشويه التجميلي

حديثي اليوم عن قلة قليلة من أطباء الجلد والتجميل، قلة بدأت تنمو وتتنامى وتزداد عددا وعدة، همها الدعاية والإعلان للحصول على المال، مستواها العلمي أقل من المطلوب، يحرصون فقط على التقشير والليزر والحقن لارتفاع مردودها المادي، ويستعجلون في إدخال تلك التقنيات التجميلية إلى عياداتهم قبل إثباتها علميا. هم أحيانا يتقمصون دور المسوق وليس الطبيب، فيستخدمون كثيرا من التقنيات الحديثة التي تنقصها الدراسات العلمية، علاقتهم بالشركات أكثر من الأبحاث العلمية، ويحرصون كثيرا على الظهور في قنوات التواصل الاجتماعي للتسويق لتقنية لا تفيد ولا تضر، والمقصود منها “تعالوا عندي!”، لا نراهم في قاعات المحاضرات العلمية في المؤتمرات، ويتهاتفون على ورش العمل التجميلية. أصحاب وجهين: وجه قبل العملية مبتسم ومرحب، ويشجع على إجراء العملية، وأما بعد العملية، خاصة إذا حدثت مضاعفات، فيصبح وجهه عبوسا وغير مرحب، يتهرب من مقابلة المريض، وتصعب عليه المراجعة. هؤلاء القلة شوهوا سمعة زملائهم الأغلبية “من حيث لا يشعرون”؛ لأن المجتمع بدأ يفقد الثقة بطبيب الجلدية، وإذا دخل على طبيب الجلدية فلسان حاله يقول: من أيهم أنت؟ وأصبح حديث المجالس عن هؤلاء القلة وكأنهم الأغلبية، ويصبح الإنسان في هذه المجالس محاميا لمهنته، ومدافعا عن هذه الاتهامات. وجلسة التحقيق والاتهام تتخللها قصص بعضها خيالي، وينتهي المجلس بشحنة تشويهية تجاه أطباء الجلد والتجميل. أطالب بعقوبة المقصرين، ووقف هذا التمادي والعبث في بشرات المرضى. لنتذكر كثيرا من المريضات اللاتي اضطررن إلى تأجيل موعد زواجاتهن بسبب عبث قلة همهم المال، وكأن العروس إذا دخلت عيادتهم أموالها مشاعة، يعرفون أن المريض يثق بالطبيب، فيبالغون في النتائج، وإغراء العروس لعمل ما لا يفيد، فتخرج وقد فقدت المال والجمال. ومع الأسف، أصبحت هناك مؤتمرات طبية مخصصة لتسويق وترويج الغث والسمين من المنتجات والأجهزة التجميلية، التي ليست لها دراسات علمية محكمة، وإنما شركة اجتهدت في مساعدة طبيب لفكرة تم استخدامها على المرضى قبل ثبوتها علميا. والمراحل الصحيحة هي أن تكون فكرة تعقبها دراسات علمية قد تطول، وتكلف الشركة ماديا، بل تكون فكرة وبعد إثباتها يتم استخدامها على المريض. لنُعِدْ ثقة مرضانا بنا، ونكون صادقين علميا في ممارساتنا المهنية، ولا نستعجل في إدخال تقنيات تجميلية لم تثبت علميا، كل علمنا بها هو مؤتمر طبي تجاري يسمح لمندوبي شركات أو أطباء مستأجرين “وهم قلة” بعرض الأبحاث، وتقديم المحاضرات، وإغراء الحاضرين بصور قبل وبعد، بعضها محسنة ببرنامج فوتوشوب أو أبحاث مدفوعة الثمن مسبقا، فيتأبط تلك التقنية دون تمحيص، ويتاجر بها عاجلا، ويعلم أنها لا تفيد ولا تضر لكنها تربح، الضحية أهلنا. أخيرا لا بد أن نتذكر أنهم قلة، والأغلبية – ولله الحمد – هم أطباء جلد وتجميل يحملون أعلى الشهادات، متشبعين صدقا وأمانة وعلما، كثير منهم لا يحب الظهور – مع الأسف – وأعتب عليهم لتفرجهم على المشهد المشين، والتشويه التجميلي الذي يمارسه القلة. أطلب منهم المساهمة في التوعية؛ لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ويا فخري بهم، وأنا أشاهدهم في كل المحافل العلمية متحدثين وناشطين في الأبحاث، وأذكرهم ألا يكونوا مثل النخلة العوجاء ثمرها للجيران. نحو طب جلدية وتجميل صادق وأمين.

د.أحمد بن محمد العيسى

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *