اللاعب السعودي هو الأفضل

لو جردنا أي نادٍ سعودي عريق كالاتحاد أو الهلال من العناصر الشكلية، التي تراكمت عليه عبر السنين كالملاعب الفاخرة و»حكاية الاحتراف»، لاكتشفنا أن الفكر الذي يحركها من الداخل ما زال وفيًّا لفكر المؤسسين. احتراف اللاعبين والانضمام إلى المنظمات والمشاركات الدولية الكبرى ليس سوى قشرة تغطي البساطة. غياب الرؤية الحديثة لمفهوم الإدارة، جعل النوادي – ككثير من المؤسسات الأخرى – مرتعا لطالبي المجد الشخصي والوجاهة، وربما للفاسدين إداريا.

عمر كرة القدم في المملكة تجاوز الـ70 سنة. طردت كل الألعاب الأخرى التي بدأت معها، حتى صارت اللعبة الشعبية الوحيدة. لا أعلم كمية الأموال التي أُغدِقت عليها، ولكنها أموال كبيرة جدا. يمكن الادعاء أن الأموال التي دُوِّرت في نادي الهلال – على سبيل المثال – تعادل الأموال التي صُرِفت على الكرة في دولة السنغال في المدة نفسها، ومع ذلك لم تتجاوز الرياضة في المملكة حدود الدول المتوسطة وأحيانا الضعيفة.

لا يقع اللوم في ذلك على إدارات الأندية أو المسؤولين الرسميين. منذ 70 سنة لم نعرف هل النوادي الرياضية مؤسسات ربحية أم مؤسسات أهلية حكومية تهدف إلى التسلية والمتعة، وتعيش على الدعم الحكومي وهبات أعضاء الشرف والجمهور.

لا أملك مقترحات أو حلولا لتطوير الرياضة، فقضية النوادي مرتبطة بأكبر منها. قضية الرياضة في المملكة ليست سوى جزء صغير من منظومة إدارية تفتقر إلى الاحتراف، وبالتالي لا يمكن مطالبة اللاعبين المشاركين في كأس العالم بتقديم نتائج خيالية.

ثمة معيار إداري مهم جدا عند قياس المتنافسين. عند تقييم الطلاب ليس من العدل أن تضع معيارا خياليا وتقيس عليه نتائجهم، المعيار الصحيح هو مقارنة الطلاب بعضهم ببعض. تأخذ أفضل طالب وتضع درجاته في الأعلى. لا يمكن أن تقارن كاتبا في جريدة الرياض مثلا بكاتب في الـ»نيويورك تايمز» الأميركية. الظروف الموضوعية التي يعيشها الكاتبان السعودي والأمريكي مختلفة، وبالتالي ستكون النتائج غير عادلة. تقارن السعودي بالسعودي والأمريكي بالأمريكي، والشيء نفسه في المنافسات الرياضية. ليس من العدل أن تقارن الكرة في تونس بالكرة في إنجلترا. لك أن تقارن تونس بالمنظومة التي تنتمي إليها؛ الدول العربية والعالم الثالث. لاحظنا ذلك في مسابقة كأس العالم هذه الأيام، كاد أداء الفرق العربية المشاركة ونتائجها أن تتطابق، ثمة منافسة حقيقية وواقعية بينها، الاشتراك في مفاهيم أساسية عامة واحدة أو متشابهة يؤدي إلى نتائج متشابهة. بحسب نتائج كأس العالم هذه الأيام أثبت اللاعب السعودي أنه الأفضل بين منافسيه الطبيعيين.

عبدالله بن بخيت

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *