المسؤولية الاجتماعية .. على طاولة البحث

دخل مصطلح المسؤولية الاجتماعية في قاموس حياتنا حديثا ولم يكن معروفا من قبل.. ولذا فليس هناك حسب علمي تعريف دقيق لهذا المصطلح غير أنه نظرية أخلاقية تحث على العمل لمصلحة المجتمع سواء من قبل الأفراد أو المنظمات والشركات وقطاع الأعمال بصورة عامة.. ولو تعمق البحث في أصل المصطلح لوجدناه واضحا في التعاليم الإسلامية التي سبقت الفكر الغربي حيث أشارت نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، إلى وجوب التعاون والسعي لمصلحة المجتمع ككل. وبعيدا عن التعريفات والمصطلحات أقول إن هذا الموضوع يجب أن يوضع على طاولة البحث بشكل مكثف، ففي بلاد غنية مثل بلادنا يؤمل أن نرى مشاركة أفضل لأصحاب الأموال من الأفراد والشركات والبنوك في دعم المجتمع.. ولا يكفي ما تقوم به بعض الكيانات الكبيرة مثل “أرامكو” و”سابك” و”الاتصالات” و”البنوك” من مشاركات متواضعة في مختلف النشاطات التي تصنف ضمن المسؤولية الاجتماعية، ولقد طرح هذا الموضوع في اللقاء الناجح الذي نظمته (ديوانية البنوك) أخيرا بحضور محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد الخليفي؛ الذي لم يأخذ موقف الدفاع عن البنوك، كما توقع البعض منا، وإنما أشار إلى أنها تسهم في المسؤولية الاجتماعية، ولكن تلك المساهمة غير كافية ويطلب منها المزيد. وتشعب الحديث في ذلك اللقاء؛ بل دون مبالغة، فقد كان معظم الحديث عن المسؤولية الاجتماعية وما يدخل ضمن هذا المصطلح من أعمال. وأثار رأي يقول إن توظيف الشباب السعودي وتدريبهم نوع من المسؤولية الاجتماعية استغراب كثير من كتاب الرأي المشاركين في اللقاء ما جعل البعض يقترح عقد ورشة عمل تعرف ما يدخل ضمن مصطلح المسؤولية الاجتماعية من أعمال. ونحن في انتظار الزميل العزيز طلعت حافظ؛ رئيس اللجنة الإعلامية للبنوك، أن ينظم هذه الورشة ويدعو إليها المتحدثين المتخصصين الذين يستطيعون إثراء الموضوع ودفع عجلة المسؤولية الاجتماعية إلى الأمام لكي تواكب التحول الذي يعيشه مجتمعنا وفق «رؤية 2030»التي من أهم أهدافها زيادة المشاركة المجتمعية في مختلف النشاطات ذات الصبغة الاجتماعية وإظهار تكاتف وتعاون المجتمع أفرادا ومنظمات ربحية وغير ربحية.
وأخيراً: في سبيل الوصول إلى رضا المجتمع عن مشاركة الكيانات الكبيرة في دعم الأعمال الجماعية الإبداعية والإنتاجية وليست الخيرية؛ فالمسؤولية الاجتماعية ليست صدقة أو زكاة.. أقول لتحقيق رضا المجتمع لا بد من خطوات عملية تضع المسؤولية الاجتماعية في دائرة الضوء، وأهمها إيجاد جهة واحدة كمرجعية، ولعل اقتراح الزميلة رقية الهويريني؛ بإنشاء هيئة عامة للمسؤولية الاجتماعية هو الحل الأمثل بدل ضياع متابعة التزام الشركات والبنوك بواجبها تجاه المجتمع بين جهات عدة.. أما ما يتعلق بالأفراد فيظل من مسؤولية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تشجعهم على إنشاء جمعيات للمسؤولية الاجتماعية في المدن والمحافظات الكبيرة والصغيرة.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *