جودة الحياة بلا وصاية أو تأزيم!

يراهن برنامج جودة الحياة على المواطن في مهمة التغيير، والتفاعل، والتعايش، فضلاً عن النهوض المشترك مع الحكومة في إعادة بناء المجتمع من الداخل، وتحديد أولوياته، ومبادراته، ومؤشرات قياس منجزاته، فلم يعد هناك عمل بلا رؤية، أو اجتهادات بلا تخطيط، ولا حتى وجهات نظر تفرض وصايتها على أحد، وإنما هناك عمل شعبي وحكومي يستوعب الجميع تحت مظلة الوطن الكبير بقيمه ومصالحه معاً.

السعودية الجديدة ليست نفطاً نصدره ونقبض ثمنه في موازنة سنوية للإيرادات والمصروفات، ولكنها إنسان يحمل هويته وتاريخه وإرثه وتراثه وتفوقه، وأرض تمتلك مقومات العيش المشترك، ومهوى أفئدة المسلمين، ومخزوناً للثقافة والحضارة، ومشروعاً اقتصادياً بامتياز، وكل ذلك لم يتم استغلاله كما عبّر عن ذلك صراحة ولي العهد؛ لذا كانت رؤية المملكة 2030 مصدراً للحراك، وموجهاً للتحرك، وخارطة طريق للمستقبل، وهنا كان الفارق كبيراً في سنوات قليلة، حيث تقود الدولة والحكومة والمواطن مهمات عمل متزامنة لمشروع النهضة الكبير الذي بدأت ملامحه شاهدة على الحضور والتأثير نحو بناء وطن في كل الاتجاهات.

جودة الحياة باختصار أن نعيش كما نحن بلا تطرف أو وصاية أو تأزيم، والمضي معاً رجالاً ونساءً للمشاركة الوطنية التي لا يسبقها ولا يعقبها سوى حب هذا الوطن، وقيادته، ونصنع من خلالها صورة جديدة عن مجتمع إنساني، وحضاري، وواعٍ، وفاعل، وطموح، والتخلص من الصورة النمطية التي كنّا عليها، وحمّلتنا أعباءً مثقلة سوّق لها إعلام مضاد وهيئات دولية، ودول إقليمية، وعانينا كثيراً في تصحيحها بكثير من العمل، والتلاحم، والتواصل مع العالم.

الترفيه والرياضة والثقافة والتعليم هي محرّك البناء السعودي الجديد من الداخل، وصولاً إلى بنية تحتية من الخدمات في المدن من خلال مشروعات استثمارية متعددة بالشراكة مع القطاع الخاص، وتحقيقاً للقيمة المضافة للاقتصاد الكلي، ونمو الناتج المحلي، وكل ذلك يجوّد من الحياة التي نريد أن نعيش فيها داخل مجتمعنا، ولا نبحث عن حياة أخرى في مجتمعات هي أقل بكثير مما نملكه، ونشعر فيه.

كلنا نتذكر كيف كان السعوديون مقصداً لحملات تسويق السفر والسياحة والترفيه في الخارج، وتحديد أوقات المهرجانات بحسب الإجازات والعطل الموسمية لهم، والأموال الطائلة التي كانت تصرف هناك، حيث كانت إجازة الصيف موعداً لمغادرة مئات الآلاف من الأسر بحثاً عن متنفسات تقضي فيها ما تبحث عنه من الترفيه، ولكن اليوم رغم البدايات التي نؤسس لها قادرين على أن نجعل من المملكة وجهة جذب للحياة التي لا ينتظرها المواطن فقط، وإنما السائح الذي سيجد نفسه أمام خيارات متعددة ليعيش معنا.

مشروعات كبرى مثل القدية والبحر الأحمر ونيوم والدرعية والعلا وجدة التاريخية، والحدائق العالمية، ومدن الترفيه، والفعاليات الثقافية من فنون ومسارح ومتاحف ومكتبات، ومراكز تسويق وفنادق ومنتجعات؛ كل ذلك وأكثر نراهن عليه في المستقبل القريب في تجاوز نمط الحياة في المجتمع ليكون بجودة ننافس فيها عالمياً.

د. أحمد الجميعـة

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *