الجامعات .. ودورها في التوظيف

حينما زاد عدد الجامعات في بلادنا فرحنا كثيرا لأنها خطوة لزيادة أعداد المؤهلين جامعيا في بلاد تستقدم الملايين من مختلف دول العالم لمساعدتها على بناء نهضتها .. لكننا وبعد سنوات من هذه الخطوة الموفقة نقف لتقييم المشهد فنرى أن أعداد المستقدمين في زيادة على الرغم من آلاف الخريجين الذين تلقي بهم هذه الجامعات سنويا في سوق العمل حتى أطلت علينا البطالة التي لم تكن من مفردات القاموس لدينا، وأصبحنا نعاني ونشتكي منها وهي في تصاعد مخيف حتى المؤهلين تأهيلا عاليا ومميزا من أرقى الجامعات العالمية التحقوا بطوابير الباحثين عن الوظائف دون جدوى .. وهنا لا بد من العودة إلى الجامعات التي يجب ألا تظل مهمتها فقط إلقاء دفعات من الخريجين كل عام دون متابعة لتوظيفهم وهو ما يؤثر سلبا في سمعة الجامعة .. وقد يقال إن الجامعات في العالم لا تتدخل في التوظيف .. وإن هناك جهات أخرى هذه مهمتها الرئيسة وفي مقدمتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية .. لكن الرد على ذلك يأتي من اليابان التي تقوم جامعاتها بعقد اجتماعات عديدة خلال العام الدراسي مع رجال الأعمال وممثلي الشركات لتعريفهم بمخرجاتها في مختلف التخصصات لتلائم حاجة سوق العمل .. والفرق بين تلك الاجتماعات وبين ما تقوم به بعض جامعاتنا على استحياء وهو ما يعرف بـ”يوم المهنة” أن ما تقوم به الجامعات اليابانية يتم أثناء العام ويعتمد على سماع آراء الحاضرين من صناع القرار في الشركات الكبرى بينما جامعاتنا تنظم هذا اللقاء بعد تخرج الطالب ويحضره عادة موظفون لا علاقة لهم باتخاذ القرار ولا قدرة لديهم على إبداء ملاحظات حول التخصصات التي تخدم قطاع الأعمال .. وبما أن سوق العمل تزيد فيه أعداد المؤهلين في تخصصات نظرية غير مطلوبة بينما تظل الحاجة إلى بعض التخصصات والمهارات قائمة وتزداد عاما بعد عام فإن الجامعات يمكن أن تلعب دورا مهما في إعادة تأهيل من لم يجد عملا من خريجيها في التخصصات المطلوبة عن طريق دورات تدريبية تدفع تكاليفها وزارة العمل أو يدفعها الخريج، والمهم التأكد من قبول تلك الدبلومات من أصحاب الأعمال والشركات الكبرى مثل “أرامكو” و”سابك” وشركة الكهرباء وشركات الاتصالات و”معادن” وغيرها من الشركات التي اتجهت الآن إلى التوظيف عن طريق (Outsource) وتركت أبناء الوطن يجرون مقابلات التوظيف ويتلقون الوعود بالاتصال بهم ولا يتم ذلك دون إبداء الأسباب التي ربما بعضها يتعلق بنوع الدراسة والتخصص والمهارات.

وأخيرا: جميع محاولات وزارة العمل وبرامجها في التدريب عن طريق صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف” وغيره من الأجهزة تظل محدودة ولا تغطي مناطق بلادنا الواسعة التي توجد فيها الجامعات بطواقمها المؤهلة القادرة على إعادة التأهيل في وقت قصير .. وهذه الخطوة المهمة تتطلب تنسيقا مباشرا بين وزارة العمل ووزارة التعليم وبأسرع وقت ممكن فأعداد الخريجين تزداد والبطالة ترتفع نسبتها والاستقدام للتوظيف الخارجي يأتي على ما يتوافر من وظائف الإدارة المتوسطة والمساعدة ولا سيما في الشركات الكبرى التي يرغب الشباب السعودي في أن يعمل فيها كي يتدرج حتى يبلغ أعلى المستويات كما وصل علي النعيمي في “أرامكو” من عامل لتقديم الشاي إلى رئيس للشركة ثم وزير للبترول.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *