الملك سلمان .. قمتنا القدس

القضية الفلسطينية تصدرت – كالعادة- كلام خادم الحرمين الشريفين، لأنها تبقى المحور الرئيس للأمة العربية كلها. ولا سيما في ظل إصرار المملكة على حلها بما يكفل الحقوق الفلسطينية التي نصت عليها المبادرة السعودية الشهيرة، والتي اعتمدتها الجامعة العربية منذ أكثر من ربع قرن. والملك سلمان أعرب أيضا عن استنكاره الشديد لنقل الولايات المتحدة سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس المحتلة. فهذه المدينة تمثل المحور الرئيس للمملكة في هذه القضية، تماما مثلما هي للأمتين العربية والإسلامية في آن معا. خادم الحرمين الشريفين كان واضحا كعادته حول كل القضايا، سواء التاريخية أو المتجددة. والقضايا مهما كانت معقدة يمكن أن تحل سياسيا بما يكفل الحد من الخسائر والخراب هنا أوهناك. ولذلك، كان حريصا على ذلك، حتى على الساحة اليمنية. فالهم الأول بالنسبة للمملكة ليس مواصلة الحرب، بل تأمين المساعدات والمعونات اللازمة للشعب اليمني أولا، ومواصلة العمل على إعادة الشرعية إلى هذا البلد. والرياض عملت- ولا تزال- على الساحتين الإقليمية والدولية للوصول إلى هذين الهدفين، رغم الدعم التخريبي الذي توفره إيران للحوثيين الخونة الذين باعوا أنفسهم ببساطة لأسباب طائفية بغيضة لنظام الملالي. الأزمة الليبية ينبغي أن تحل سياسيا وبصورة نهائية، هذا الموقف السعودي منذ البداية وسيظل، كما أن موقف الرياض من سفاح سورية بشار الأسد لم يتغير، والضربة التي تلقاها هذا الإرهابي أخيرا كانت ضرورية، لحماية مزيد من أرواح الأبرياء من الشعب السوري. الأمن القومي العربي منظومة كاملة لا تقبل التجزئة. كلمات اختصر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حالة متفاعلة أساسية منذ قرون. والمملكة وضعت الأمن القومي العربي منذ تأسيسها على رأس أولوياتها لأسباب عديدة، منها أن السعودية تمثل محورا عربيا رئيسا، ناهيك عن خصوصيتها الإسلامية السامية، وقناعتها بأن أمن كل دولة عربية، هو أمن لها مباشرة، وسعيها لأن تجعل المنطقة العربية تعيش الاستقرار الدائم والتنمية المستدامة والتطور الذي يليق بها وبتاريخها. كل هذا إلى جانب كثير من الأسباب الأخرى المباشرة أو المتفرعة، التي دفعت المملكة لوضع مسألة الأمن القومي العربي على رأس أولوياتها. ولأنها كذلك، فقد وقفت في وجه كل جهة تريد العبث بهذا الأمن، وفي المقدمة تأتي إيران بنظامها الإرهابي التخريبي الحالي على رأس أعداء الأمن العربي. من على منبر القمة العربية الـ 29 في الظهران، دعا الملك سلمان إلى موقف أممي قوي ضد سلوك إيران. وهذه الدعوة تأتي بعد سنوات من التحرك السعودي على الساحة العالمية من أجل وقف الخراب الإيراني عند حدوده، بما في ذلك إطلاقها حملتها المستمرة دائما لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله وأدواته، بحيث سبقت كثيرا من البلدان الكبرى في هذا المجال. العالم يعرف الأذى الإيراني اليومي، ليس فقط في بلدان مثل سورية والعراق ولبنان واليمن وبعض بلدان الخليج العربي، بل على الساحة الدولية أيضا. وعلى العرب جميعا دعم أي توجه سعودي في هذا المجال، لأنهم أول المستفيدين منه، كما أنهم يؤسسون بذلك بالفعل حصانة تضمن الأمن القومي العربي، بما تستحقه الأمة العربية كلها. المملكة تستضيف القمة العربية، وستحقق النتائج المرجوة منها، سواء على صعيد التعاون العربي، أو القضايا المتفاعلة على الساحة، بما في ذلك، إعلان الملك سلمان بن عبد العزيز تقديم المملكة مبادرة للتعامل مع التحديات التي يواجهها الأمن القومي العربي. وهي مبادرة ضرورية جدا الآن أكثر من أي وقت مضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *