لن تكونوا.. آل «أول» مهما بعتم من غاز !

إذا أردت أن تفهم حقيقة الصراعات والمؤامرات والحروب والدماء في المنطقة الممتدة من أفغانستان شرقا حتى السنغال في وسط غرب أفريقيا، فعليك أن تفهم عقدة النقص والصغر التي تلازم حمد بن خليفة ورفيق «صغره» حمد بن جاسم.

عقدة أن تكون صغيرا لا يمكن أن تغيرها، إنها قدر نظام الدوحة ويجب أن يقبلوا به، وسيبقى قصير القامة قصيرا مهما لبس من أحذية إعلام عزمي، وستبقى الدميمة دميمة مهما مزقت وجهها بالمساحيق، بل سيتندر عليه الناس؛ لأنه يريد أن يغير قدره ويتطاول بلا فائدة.

الإفراط في الإحساس بالنقص الذي يطارد حكام قطر ليس في السياسة فقط بل في التاريخ والرياضة والفنون، إنها حالة مرضية معقدة متراكمة لا يمكن لهم أن يتجاوزوها فقد وقعوا في فخها للأبد، وهي أقرب ما تكون لمتلازمة احتقار الذات، المعروفة لدى أطباء النفس ومعالجي مرضى الانفصام وجنون العظمة.

مشكلة تنظيم الحمدين أنهم يريدون أن يكونوا آل «أول» بدلا من آل «ثاني»، ويتصدرون المشهد في العالم العربي والعالم، يعتقدون أن مجموعة من الأبراج الخاوية، وسوقا للصيادين وإذاعة وقناة تلفزيونية، يمكن أن تبني لهم مجدا يتجاوز الرياض والقاهرة وبغداد ودمشق، إنها استمرار لعقدة النقص، مع احترامنا وتقديرنا للشرفاء من عائلة آل ثاني الكرام الذين يتشرفون باسمهم ولا يرون فيها غضاضة.

لا شك أن الإحساس المريض بالاضطهاد الذي يُ سير الحمدين أنتج كل هذه الأوهام والعقلية المتناقضة في إدارة الملفات والعلاقات مع الأشقاء العرب ومع دول الشرق الأوسط، فمن دعم القاعدة وطالبان في أفغانستان إلى إشعال الحروب الأهلية في العراق وسورية وإنشاء تنظيمات داعش والنصرة، مرورا باليمن وجيبوتي وأريتريا إلى السودان ومصر وسيناء وغزة وتشاد وليبيا ومالي وانتهاء بالصحراء الكبرى، مئات المليارات من أموال الغاز الحرام تغذي الصراعات وتمول الإرهاب وترسل الأبرياء إلى حتفهم.

العقدة بدأت العام 1985 عندما تولى حمد بن خليفة مقاليد السلطة مع وجود والده الحاكم آنذاك، ودخول بن جبر كحليف ومعاون، كان وجود الأب دائما ما يحدث التوازن في العلاقات مع الأشقاء حتى لا تنحرف الدوحة عن سرب شقيقاتها الخليجيات.

استمر ذلك لعشر سنوات كانت الدوحة تراوح بين سياسة المماحكات مع الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة في جزر حوار البحرينية تارة أو في الحدود السعودية جنوبا، كان أهمها حادثة الخفوس 93 م، التي انتهت باستعادة المملكة لأراضيها رغما عن أنف الحمدين، وبتشكيل مكون من 3 جيوب من سلاح الحدود السعودي.

مشروع زعامة المنطقة الذي استوردته الدوحة من تل أبيب يقوم على «وهم»، ساقه وباعه الإسرائيلي المستوطن عزمي بشارة.. أن بإمكان قطر السيطرة على المنطقة وقيادتها على الرغم من أنها ليست سوى نتوء ترابية خارجة من الجزيرة العربية لا تمثل أية قيمة إستراتيجية ولا جيوسياسية.

اقتنع الحمدان وظنا أن بإمكانهم السيطرة على المنطقة من خلال اللعب على الملفات الساخنة في العالم العربي ورفع حرارتها حتى درجة الغليان، ومن ثم تقديم أنفسهم كمحللين مثل محللي الطلاق، مع تقديم خطاب قومي إسلامي عروبي «مزور» عبر قناة الجزيرة وشحن الشارع العربي ضد الأنظمة العربية ما عدا الدوحة.

كل ما تريده الدوحة أن تكون «متمردة» في منطقة مليئة بالشرفاء، وأن يتم تدليلها وقبول «تمردها» وفضائحها دون عتاب، وهي للآن لم تستوعب أن الأمر قد ولى، وأنها ستبقى في المرتبة الأخيرة، أما المرتبة الأولى فهي للمصمك إلى الأبد.

محمد الساعد

(عكاظ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *