أين بيان هيئة كبار علمائنا عن “دولة الخلافة”؟

لست أدري ما إذا كانت حادثة “الوديعة” التي وقعت أول من أمس، واستشهد فيها أحد رجال أمننا، وقتل فيها ثلاثة من الإرهابيين لها علاقة بـ”داعش”، أم هي من فعل “القاعدة”. ولست أدري أيضا ما إذا لـ”داعش” علاقة بـ”القاعدة” أم لا؟ لكن الواضح أن عملا مثل هذا لا يمكن أن يكون وقت تنفيذه جاء هكذا، فرغم قلة المعلومات عن الحادثة وأهداف عناصرها، إلا أنني أكاد أجزم أن لها علاقة بما يحدث في المنطقة، وأنه فيما لو لم يكن هناك لعناصرها علاقة بـ”داعش”، فإنهم خططوا لاستثمار واقع الحال في العراق تحديدا لصناعة حدث ما. لا أعلم حجمه ومكانه لكنه يصب في خانة أهداف معلومة عجز الإرهابيون عن تنفيذها لسنوات طويلة، وظنوا أن الوقت بات متاحا ومساعدا لاستعادة شيء من صورتهم السوداء ووجودهم القذر.
قبل أيام “أعلن أبومحمد العدناني، المتحدث باسم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف بـ”داعش” عن تأسيس دولة الخلافة الإسلامية، وتسميتها بـ”الدولة الإسلامية”، وذلك لتصبح دولة لكل المسلمين في كل العالم، لافتا إلى تولية أبوبكر البغدادي، منصب الخليفة وقد قبل البيعة، وبذلك أصبح إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان، كما تضمن البيان التحذير من عدم مبايعة إمام المسلمين “ننبه المسلمين أنه بإعلان الخلافة صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة ـ حفظه الله ـ وتبطل شرعية جميع الولايات والإمارات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطانه ويصل إليها جنده”.
البيان تمت صياغته بعناية، وبلغة جعلت عددا ليس بقليل من المسلمين ممن سمعوا واطلعوا على البيان يتوقف كثيرا عنده كونه تضمن محاور تدغدغ رغباتهم وعواطفهم، حيث عانوا كثيرا ولقرون عديدة من الفرقة والتشتت والضعف، ثم توقفوا أيضا خائفين وحذرين من نهاية البيان؛ حيث حذر من خطورة عدم مبايعة الخليفة شرعا، فضلا عن بطلان شرعية كل الدول والأماكن التي يصل إليها جنود هذا الخليفة.
أقول: رغم خطورة هذا البيان، وما أحدثه من بلبلة خاصة عند العوام، وعند أتباع بعض الدعاة في المنطقة، ممن لم تكن مواقفهم واضحة مما يحدث في سورية بشكل عام، وما يحدث على يد تنظيم داعش بشكل خاص، إلا أنه حتى اللحظة لم يصدر من هيئة كبار علمائنا بيان صريح يكشف حقيقة “داعش”، وحقيقة إعلانها قيام دولة الخلافة، ومن ثم الإعلان عما ينبغي أن يكون عليه موقف المسلم الحق من هذا التنظيم ومن هذه الدولة الجديدة المسماة بدولة الخلافة.
هناك تعليقات صدرت من بعض الدعاة أو طلبة العلم وهي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة من داخل المملكة وخارجها، ولكنها تعليقات عابرة وسريعة وغير موثقة أو مؤكدة، وفي ظني أن حدثا بهذا الحجم، وله تداعيات على حدودنا الشمالية والجنوبية، ينبغي أن تتصدى له هيئة كبار العلماء بأسرع وقت؛ لتضع النقاط على الحروف، ولتلقم حجرا كبيرا في فم أولئك المتعاطفين أو المؤيدين لفكر “داعش” بجهل أو بعلم، تحت مبرر أن منهجهم إسلامي، وفكرهم قائم على تنفيذ حدود الله، ودستورهم كتاب الله، وحكمهم وفق شرع الله!
طارق إبراهيم
نقلا عن (الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *