قسموا العراق وخلصونا

 

لا يبدو أن هناك حلا غير ذلك، فالخطة أصلا موضوعة منذ أيام طيبة الذكر “كونداليزا رايس”، والأميركان ينتظرون أن تأتي منا وليس منهم؛ لتكون “بيدي لا بيد عمرو”، والعراق أصبح مقسما طائفيا، وفي حين يغلق الأكراد الحدود على أنفسهم رافعين علمهم الخاص، تستعر الحرب بين السنة والشيعة، وتتواصل النزاعات البائسة بحجة الدفاع عن الدين والرموز.
منذ فجر التاريخ والعراق أرض الملل والطوائف والأديان، وهو مركز نزاع وخلافات، وقد نجحنا كعرب في صنع تشيعه إبان الدولة الأموية بالقمع السياسي والعسكري، وأصبح طائفة أغلبية. 
ومنذ عهد الحجاج حتى صدام حسين والعراق يئن تحت وطأة الخلاف الطائفي، وديكتاتورية الحكام الذين يرون أن لا حل يجدي معهم غير الحديد والنار.
وجاء نوري المالكي ليكمل الدور التاريخي، ولكنه هذه المرة جاء بما لم يأت به الأوائل، وقدم للشعب العراقي والعالم درسا في التعصب المذهبي، فعلى المنابر وعبر الصحافة يتحدث عن أنصار الحسين وأنصار يزيد، وكيف أن المعركة ما زالت قائمة بينهما منذ الأزل، وكيف أن الشيعة سينصرهم الله نصرا مؤزرا. ويا له من رئيس جهبذ يذكي فتيل الطائفية، بدل أن يطفئ نيرانها التي تأكل طرف ثوبه. 
اليوم العراق موزع جغرافيا بحسب الانتماء المذهبي، أي أنه قابل للتقسيم، ولعله سيكون الحل الوحيد لوقف حمامات الدم الطائفية، ويبدو أن فكرة التقسيم باتت مقبولة في أوساط الساسة العراقيين، أو أنهم لا يرون غيرها مخرجا، فهذا رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي لا يستبعد فكرة التقسيم في إحدى حواراته مع قناة cnn الأميركية. 
ولعل أكثر من خدم الأميركان في تنفيذ خطة الخارطة، هي الميليشيات الإسلامية المتمثلة في “داعش والقاعدة”، وبالطبع الميليشيات الشيعية الإيرانية التي يستخدمها المالكي، وكل له مصلحة في هذه الحرب، أي أن “كل على همه سرى”، لكن لو تم فعلا تقسيم العراق، ما الذي سيأتي بعده؟.

حسن الحارثي 

نقلا عن (الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *