هل هدف وزارة المالية منافسة أرامكو؟

أحد أبنائنا المبتعثين في أميركا، تواصل معي عبر الواتس أب بعد أن قرأ مقالتين لي كتبتهما هنا عن قطار الدمام – الرياض طالبا معلومات يحتاجها في تخصصه عن سكة القطار المزمع تنفيذها بين الجبيل والدمام، وعدته بالبحث عن أي معلومات متوافرة عن هذا المشروع وبالفعل شرعت في البحث ففوجئت بداية بأن عقد مشروع إنشاء سكة حديد بين الجبيل والدمام تم توقيعه من قبل وزير المالية، وهنا سألت نفسي ما علاقة وزارة المالية بإنشاء سكك الحديد؟ وما علاقة الوزير نفسه بتوقيع مثل هذا العقد، ثم اتضح لي أن الجهة المسؤولة عن هذا المشروع هو صندوق الاستثمارات العامة ولهذا وقع العقد وزير المالية، وهنا زادت حيرتي أكثر لماذا مثل هذه المشاريع تتولاها وزارة المالية مع وجود وزارة للنقل عندنا؟
فحسب علمي أن مشاريع السكك الحديدية في كل دول العالم بلا استثناء تسند لوزارة النقل، ولم يسبق لأي دولة أن أسندت مثل هذه المشاريع لوزارة المالية التي شرعت في السنوات الأخيرة بتولي تنفيذ بعض المشاريع بنفسها وكأنها تريد أن تسجل حضورا لافتا مماثلا لما اكتسبته أرامكو يوم أن أسندت لها الدولة حلّ مشاكل مزمنة أو تنفيذ مشاريع نوعية.
شروع وزارة المالية في تنفيذ بعض المشاريع بنفسها حتى وإن كان تحت مظلة صندوق الاستثمار لا يعفيها من النقد الدائم الموجه لها من كافة القطاعات والجهات الحكومية وغير الحكومية أنها سبب رئيس في تعثر المشاريع وسبب في سوء جودة بعض المشاريع وسبب في الكلفة المبالغ فيها لبعض المشاريع جراء أنظمتها وآليات عملها التي نالت كثيرا من النقد والشكوى.
أثناء بحثي عن معلومات عن مشروع سكة الجبيل – الدمام وقفت على نقد موجه حديثا من مجلس الشورى للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية وفي ذات التوصيات التي قدمها مجلس الشورى طالب بدعم مالي لذات المؤسسة، وأيضا أثناء بحثي عن المعلومات طالعت التقرير السنوي الأخير للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية وتوقفت كثيرا عند شكوى مريرة من المؤسسة حيال نقص الاعتمادات المالية الخاصة بها وأنها سبب في عدم قدرتها على القيام بمهامها على أكمل وجه، هنا سألت نفسي ثانية كيف يتسنى لوزارة المالية أن تبخل في دعم هذه المؤسسة وفي ذات الوقت تأخذ منها مهامها عبر توقيع عقود ليست من اختصاصات وزارة المالية؟
المفاجأة الثانية التي وقفت عليها أثناء بحثي عن معلومات عن سكة الجبيل – الدمام أن القطار لن يستفيد منه سكان الدمام والجبيل في التنقل لأنه لن يمر بالدمام مباشرة بل يمر من خلف مطار الملك فهد بالدمام، وهذه المفاجأة تؤكد سلبية قيام وزارة المالية بمهام من المفترض أن تكون لوزارة النقل، وهذا ما سندفع كلنا ثمنه غاليا فيما بعد بسبب غياب التنسيق وتشتت المهام وكثرة المراجع التي من الصواب – كما أسلفت – أن تكون منحصرة في وزارة النقل ويكون دور وزارة المالية أو صندوق الاستثمارات الدعم المالي فقط.

طارق إبراهيم
(الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *