المرأة.. ذلك المجهول

“المرأة كائن غير مفهوم، وكل الشرائع والقوانين لم تتمكن من استيعابها”

زروبا اليوناني

بصوتها الجهوري ومظهرها الصارم، وقفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تزأر في مجلس العموم أمام خصمها زعيم المعارضة جيرمي كوربن، كان منظراً مهيباً وهي تخطب في المجلس معظِّمة من شأنها ومحقرة من شأنه. ماي ليست المرأة القوية الأولى في قيادة بريطانيا العظمى، فقد سبقتها مارغريت ثاتشر التي كانت تلقب بالمرأة الحديدية وخُلدت كإحدى أهم الشخصيات في تاريخ المملكة المتحدة.

ما بين ماي وثاتشر كنموذج للمرأة في الطرف الأكثر صلابة وبين نماذج أخرى لنساء في الطرف النقيض الأكثر ليونة ورقة، تتمايز أصناف النساء ما بين الجمال والصرامة والرقة والقسوة والجاذبية وغيرها من الخليط المتناقض. المرأة عالم غريب ومعقد لذلك يقف الرجل حائراً أمام شريكته في هذه الحياة يحاول فك أسرارها ويفشل. الرجل الذي بنى الحضارة الإنسانية المذهلة وحلل ألغاز الكيمياء وقعّد للفيزياء وفك شفرة جسده، لم يصل بعد إلى ماهية المرأة. ذلك المخلوق الذي له الأثر الأكبر في حياته بل والدافع الأقوى، بشكل أو بآخر، لكل ما أنجزه في تاريخ البشرية. ربما يلخص ذلك، الرسم الكاريكاتوري الطريف لأينشتاين وهو يقف أمام سبورة مليئة بالمعادلات التي قام بحلها، ويقول “لكنني لم أستطع بعد أن أفهم النساء!”.

الاضطراب الذي يسود علاقة الرجل بالمرأة يكشف اختلال معرفته بها. تارة يعاملها باحتقار ويضطهدها ويلفها بكل عقده الذكورية، فيمنعها من أبسط حقوق الحياة، وتارة يقدسها ويجلها ويبالغ في إظهار الاحترام لها ليوسم بالنبل والشهامة. ربما يعود ذلك الاضطراب إلى شخصية المرأة، وأثرها المتناقض في هذه الحياة فرغم ما تبدو عليه كعنصر ثانوي إلا أنها صاحبة الثقل الأعظم في الحياة وهي الظل الوحيد الذي يعتبر أهم من الضوء، قادت بصلابة دولاً عظمى واستغلت أنوثتها في إسقاط دول أخرى. هذا ما يذكره التاريخ لها، أما على الجانب الإنساني والوجداني فقد تكون الألوان للحياة وقد تكون الظلمة لها أيضاً. حتى كتب التراث حذرت مما قد تسببه المرأة من ألم، إذ شبهت التوراة العلاقة بالنساء بأنها قد تكون أكثر مرارة من الموت نفسه.

وأخيراً؛ رغم كل ما يقال عن المرأة معها وضدها، تظل هي ماء الحياة وشمسها التي تكرهها أحيانا وتشتاق لها أحايين كثيرة.. تذكر ما قاله نزار قباني: قد تغدو امرأةٌ يا ولدي يهواها القلب هي الدنيا”.. والجحيم أحياناً يا قارئة الفنجان!

(عماد العباد – الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *