«التقاعد» و«التأمينات» .. وأكثر من سؤال

علي الشدي

أوجدت المؤسسة العامة للتقاعد، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لخدمة شريحة مهمة من المجتمع، وأعني بهم موظفي الحكومة والقطاع الخاص.. حيث يشعرون بالأمان المالي بعد تقاعدهم لقاء ما قدموه من خدمات للوطن والمواطن.. ولذا قدمت الدولة الدعم للمؤسستين بتحملها نسبة تزيد على الرسم الشهري المقتطع من الموظف، والأهم من ذلك إعطاء المؤسستين الأفضلية في أي اكتتاب أو استثمار يطرح حتى أصبحت استثماراتهما في كبريات الشركات والمصارف مثالا جاذبا للمستثمرين الآخرين.. وشكلت عوائد تلك الاستثمارات مبالغ طائلة، حيث وصلت عام 1435هـ لمؤسسة التأمينات فقط 33 مليار ريال، كما قال أحد المختصين في لقاء تلفزيوني.. وأضاف المتحدث أن التأمينات لدينا من أعلى نسب الاقتطاع في العالم، حيث يقتطعون 9 في المائة إضافة إلى نسبة الدولة.. وفي الإمارات وقطر 5 في المائة. ويتقاعد الموظف مبكرا بعد 15 سنة من الخدمة ويتقاضى 60 في المائة من راتبه، ولدينا يتقاعد بعد 20 عاما ويتقاضى 50 في المائة فقط ودون علاوات سنوية. وختم حديثه بالقول: والمصيبة أن مؤسسة التأمينات تسعى حاليا لإلغاء التقاعد المبكر حتى لا يستفيد المتقاعد مدة طويلة من الراتب التقاعدي، وأعتقد أن ما يقال عن التأمينات الاجتماعية يمكن أن يقال عن معاشات التقاعد. ولذا فإن هناك حاجة إلى فتح هذا الملف وطرح كثير من الأسئلة التي لا بد من الإجابة عنها من قبل المسؤولين في المؤسستين اللتين تتمتعان بالحماية حتى من النقد في الصحف لسنوات طويلة.. وكانت الشائعات عن تعرض استثماراتهما وبالذات الخارجية لخسائر كبيرة تؤلم الموظفين، ولكنهم لا يجدون من يوضح لهم ما يحدث، على الرغم من أنهم بمنزلة الملاك أو المساهمين في المؤسستين، ومن حقهم طرح الأسئلة وتلقي الإجابات مثل ما يفعل ملاك أي شركة في الجمعيات العمومية.. ومن الأسئلة المهمة أيضا لماذا هذه النسبة العالية للاقتطاع؟ وكيف تم التوصل إلى هذه النسبة؟ وما حجم الإيرادات السنوية لكل مؤسسة ومقارنتها بحجم الرواتب التقاعدية مع إيضاح مصروفات المؤسسة على موظفيها ومبانيها. والأهم من ذلك كيف يتقرر الدخول في الاستثمارات ومن يشرف عليها؟ ولماذا لا تنشر تفاصيل هذه الاستثمارات مع شرح ما تتعرض له من خسائر وأسباب ذلك؟ حتى يتم ذلك فإن «التقاعد» و«التأمينات» تظلان صندوقا أسود لا يعلم من يسهم في تمويلهما كيف تدار إيراداتهما واستثماراتهما؟ مع أننا الآن في مرحلة الشفافية وفتح الملفات وتحسين الأداء وكفاءة الصرف.
وأخيرا: مجلس الإدارة في كل من المؤسستين هو من يحمل الأمانة والمؤمل أن يعقد جلسة علنية للإيضاح والمراجعة والإجابة عن جميع الأسئلة، ولتشمل المراجعة أيضا إعادة النظر في نسبة الاقتطاع التي ترهق الموظفين خاصة ذوي الرواتب المتواضعة، كان الله في عونهم.

(علي الشدي – الإقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *