سوَّاق وشغَّالة

من الآخر، هَبْ أنَّك سوَّاقًا، وضعِ نفسَكِ عاملةً منزليّة، من خلال ذلك يتبيَّن لكَ، ولكِ التعامل المطلوب، والمرغوب، والمُحبَّب للنفس البشرية.

الكثير _ربَّما_ من الناس لايتعامل مع من هم تحت إمْرَتِهِ ، ورئاسَتِهِ وِفْقَ المعايير الأخلاقية المُثْلى، ناهيكم عن المكفولين، وبخاصة الخدم، والسائقين، فمن خلال المشاهدة، والتجربة، والملاحظة الدقيقة للعلاقة بين الخدم ، والسائقين وكفلائهم أستطعت أن أرصُدَ طبيعة هذه العلاقة، والكثير غيري يستطيع ذلك.

فالأمرُ واضحٌ، وجليّ، ولايتطلب جهدًا، أو متابعةً، وتمحيصًا إلاّ من أراد أن يكتب بحثًا بهذا الشأن للخروج ببيانات، وأرقام، واحصاءات، من خلال استبانات تصمّم لهذا الموضوع، وتخرج بنسبٍ دقيقة.

لن أتناول الموضوع بعُمْق شديد، سأسلط الضوءَ عليه وِفْقَ مايتطلبه المقال.

كيف يجبُ أن تكون هذه العلاقة؟

هنالك عقدٌ مكتوبٌ بينه، وبين المكتب الذي يُعنى بأمور هذه العمالة يحدّد ماهيّة هذه العلاقة، الكثير لم يلتزم الاَّ بالبند المتعلق بالأجر فقط .

وهنالك عقدٌ ضمني، وديني، وعُرفي، وأخلاقي.. إلى آخره وهو الأهمُّ، من خلاله تُحدّد طبيعة هذه العلاقة، وهذا مانحن بصدد الحديث عنه. الكثير للأسف من الكفلاء لايعيره أيّة اهتمام، ولايلقي له بالًا، قد يقول قائل: وأيضًا يحدث ذلك من قبل السائقين، والخدم. نقول: صحيحًا، ولكنَّ هامش التمكّن، والتحكّم، والسيطرة، والمراقبة لدى الكفلاء أكبر، وليس ثَمّ مقارنة.

إذًا العلاقة المطلوبة يجب أن تُبنى على الحقِّ، والعدلً، والصدق، والأمانة، والتواضع.. إلى آخره.

البعض من الكفلاء يُغْفل جميع هذه الأمور، وينظر للمصلحة الخاصة فقط، فتجدهم قد اغفلوا الجوانب الإنسانية بتاتًا، وكذلك قوانين العمل، والعمّال، فطالما يُدفعُ لهم أجرٌ، فهم مطالبون بالعمل مهما كان شاقًّا.

ونحن لانُعمّم هذا التعامل، فهناك من خاف الله فيهم فأعطاهم حقّهم، وزاد، وعاملهم وفق ماوصّى به دينُنا الحنيف.

في الختام :

لو كنتَ أنتَ مكان هذا السائق؟

أو كان أحد أبنائك؟

لو كنتِ أنتِ مكان العاملة المنزلية؟

أو كانت أحد بناتكِ؟

كيف تحبّون أن يكون التعامل معكم.

إن كان دار في خَلَدِكم أنّ مثلَ هذا الأمر قد يكون؟

فذلك يعني أن ثمّة عدلٌ، ورحمَةٌ، وأمانةٌ، وتواضع في العلاقة، وأنّ هنالك شكرٌ، وحمدٌ للنعمة تمثّل في طيب التعامل، وحسن السلوك، فبالشكر، والعدل تدوم النّعم.

وفي الختام :

(عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أخوانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جعلهم اللهُ تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعمهُ ممّا يأكل، وليلبسه مما يلبَس، ولاتكلفوهم مايغلبهم، فإن تكلفوهم فأعينوهم).

خولُكُم: أي خدمكم ، وقيل الراعي للشيء والمصلح له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *