ليس سرًّا

دائمًا مع بواكير الفجر، وقبل انبلاج الضياء، يتعاهدُ رجلُ الطوارئ الخاصّة نفسه، ويشرعُ بوضوئه ويتهادى بطمأنينة، وخشوع، ميمماً نحو بيتٍ من بيوت الله ليؤدي فرضه.

بعد ذلك ينقلبُ إلى مهجعه، ويتجمّل بزيّه ويلبس درعه، ويعتمرُ خوذته، ويشحذ سلاحه، ويتفقّدُ ذخيرته؛ ثمّ يتّجه إلى ميدان فسيح، يصطفُّ بجانب زملاء كتيبته، ويلحق به كل من أمسى خارج مدينته (مكان عمله).

يتهادى الجميع بانضباطية تامة، وينادي المنادي حسب طقوس عسكرية متناغمة فيأخذ مكانه بينهم.

يكتسي المكان الفسيح بلونٍ واحد، ولكن بزمر ومجاميع مختلفة، يتطلبها التخصص، ويحتاجها العمل اليومي المعتاد، أو المهمة الطارئة، الكل من صقور نايف على درايةٍ تامّة بمسؤولياته، ودَرَبةٍ متناهية بمهامه.

أضحى الميدان الفسيح خليةً متكاملة تنضح بعرق الرجولة والإقدام، وتفوح بعبق الوطنيّة، والانتماء، والولاء.

ثمَّ كوكبة من الرجال الأشداء غذّوا السير بتناغم، وتكامل يسحر الألباب، يتقدمهم قائدٌ بشيمة الفارس الهُمَام، مهامّه متعددة، أحدها ضبط الإيقاع، وتوزيع الأدوار، حيث العمل الجادّ؛ لسانُ حاله يقول: (لايصلح القوم فوضى لا سراة لهم).

يؤدّي الجميعُ المهامَّ المطلوبة منهم بإتقان متناهٍ تامّ ، وكوكبة أخرى على ذات النهج من الانضباط، والمهنية العالية، ولكن بأدوار مختلفة، وثالثة ورابعة، وسواها، كلها تضبح كأنفاس العاديات، وتؤدي مهامها بتناغم، وسرعة، ويقظة، وتحفّزٍ حسب المقام.

كل ذلك مشهد بانورامي يتكرّر يوميًّا في ميادين قوات الطوارئ الخاصة، في كافة أنحاء الوطن الغالي، وينبئ باستعداد صقور نايف كل يوم في ميادين الكرامة والشرف، ليكونوا على أُهْبَةِ الاستعداد على مدار الساعة لبسط الأمن إذا ما ادلهمَّ الأمرُ، وحانَ وقتُ العوْن، والمَددْ وذلك لدحْرِ كلّ من تسوّل له نفسه العبثَ به، وبمقدّراته.

وسَيْر الأمور على هذا النّسق، وهذه الانضباطيّة في التدريبات العسكرية، والتمارين الإحترافية لقوات الطوارئ الخاصة ليس لحفظ الأمن وحسْب _بالتعاون مع الجهات الأمنية الأخرى_ إنّما لتوجيه رسالة مزدوجة المعنى تشي ببثّ الطمأنينة في نفوس المواطنين، والمقيمين، أنهم في مأمنٍ تام بإذن الله، حيث الاستعداد الدائم، والتأهّب المستمر، وفي ذات الوقت ابلاغ الخونة، والمارقين، وأعداء الوطنِ، والدين، بأنهم عبثًا يحاولون، ومصيرهم الفناء، والهلاك بإذن الله.

اللهمّ احفظ بلادنا، ورجال أمننا، واكلأهم برعايتك، وانصرهم على أعداء الدين، والوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *