لاجئون في دولتهم

يقول الشاعر أحمد شوقي:

إن الشجاعَ هو الجبانُ عن الأذى.. وأرى الجريء على الشرور جبانا

تشير التقارير الإخبارية الحديثة _العربية منها والغربية_ التي تُعنى بالجوانب الإنسانية أن سبعة ملايين من الشعب السوري المظلوم مهجّرون في بلادهم فأي مأساة هذه، وأي ألم هذا!

مخيمات تفتقد لأدنى مقوّمات الحياة الإنسانية، حتى وإن كانت تلك المخيمات تم تنفيذها وفق أحدث التصميمات الهندسية، والإنشائية، وتم تأثيثها بأحدث الاحتياجات، والتجهيزات، فالمأساة والمشكلة ليست هنا، فالتهجير، واللجوء لوحده من الأرض، والبيت، والمكان يُحدثُ مشاكل، ومصاعب على الإنسان لا تُعد ولا تحصى على كافة المستويات الصحية، والنفسية, والإنسانية, كيف وتلك المخيمات, وأماكن اللجوء التي يعيش فيها السوريون الآن _حتى ولو كانت نتيجة ظروف طارئة_ تفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية في حدّها الأدنى.

ملايين من السوريّين الآن في هذه المخيمات التي تم تهجيرهم لها، البردُ غطاؤهم، والجوع، والمرض لباسهم، وليس هذا فحسب، بل الخطرُ والخوفُ يسكنهم، ويعيش معهم في كل الأنحاء، وخلال كل الأوقات، وبين كل لحظةٍ وأخرى يهربون من الموتِ إلى موتٍ أشدُّ وأنكى.

لا جديد فيما قلت، فهذا المشهد العام للحياة الصعبة في معظم الأراضي السوريّة تزودنا به نشرات الأخبار، ضمن التقارير الإخبارية المصوّرة، والتي تزداد سوءً مع تقادم الأيام، والشهور، والسنين.

ما أردت الإشارة إليه، ليس تكالب الظروف على الشعب السوري الذي غرق بفعل فاعلين؛ فالمجتمع الدولي بغالبه متواطئٌ في هذه الجريمة الإنسانية، سواءً من الناحية الرسمية من خلال السياسات البغيضة المنحازة ضد سلامة الشعب العربي، أو الإسلامي، وكذلك من الناحية الشعبية لتلك المجتمعات التي تدّعي الحريّة والديمقراطية.

وهؤلاء يختلفون في سياساتهم، وخططهم، فمنهم من له مشروعٌ واضح وضوح الشمس في رابعة النهار كالمجوس الصفويين، ومشروعهم البغيض أضحى كالسرطان يستشري في كثير من مفاصل الدول العربية لأهدافٍ شتّى، ويتماشى معهم هذا المشروع بشكل أساسي، وواضح؛ الروس الشيوعيّون بإملاءات من كثير من الدول الغربية؛ لأن الأهداف واحدة، وإن اختلف المآلات، والمصالح.

بين هذا وذاك، وهو موضوع مقالي اليوم، الموقف الجبان، والمخزي للنظام النُّصيري الخبيث، فأيُّ انتصار يتحدّث عنه بشارُ الخائن، وزمرته؟! أي حيوانيّة يتباهى بها؟! وهو ينظر إلى شعبه المهجّر في أرضه يسومونه الأغرابُ سوء العذاب، والإهانة.

أما علِمَ أنه لبس عباءة الذُلِّ، والهوان، والعارِ، والجُبن، أمَا آن لهذا الخنزير المتدثّر بجلباب الخزِي أن يرعَوي، أمَا آن لهذه الرّكوبة البلهاء، أن تعلم أنها تتخبط في وحْل الدناءةِ، وأنَّ المآل مزبلة التاريخ.

كيف له أن يفهم:

إن الشجاعَ هو الجبانُ عن الأذى

وأرى الجريءَ على الشُّرورِ جبانا

اللهمَّ أرِنا في الظالمين الباغين يوماً تنشرحُ فيه صدورنا.

رد واحد على “لاجئون في دولتهم”

  1. يقول ابو طارق:

    اختيار موفق للموضوع وكلام بالصميم-مبدع ومميزدائما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *